الحلقة الثانية عشرة من كتاب “ومضات على الطريق العربي” للمفكر العربي علي محمد الشرفاء

0

في الجزء الثاني من الحلقة الثانية  عشرة من كتاب “ومضات علي الطريق العربي ” للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، وهو عبارة عن دراسات ومشاريع وحلول لواقع المستقبل العربي في القرن الواحد والعشرين يتحدث المؤلف عن كيف استطاعت الصهيونية استعداء العالم على العرب والمسلمين، ليمرروا قرارات تتفق مع مصالحهم، وتجد لها تعاطفا من دول العالم بما فيهم الأمانة العامة للأمم المتحدة، وكذلك السيطرة على وسائل الإعلام المختلفة وتوجيهها بما يحقق لهم غسل العقول، وتهيئة النفوس، لتقبل ما يقومون به من أعمال إجرامية، وكيف استغلت إسرائيل (محاربة الإرهاب) ونجحت الصهيونية في قلب الحقائق وتشويه المفاهيم لتعبئة الرأي العام الأمريكي حول العالم العربي والإسلامي وإلصاق تهمة الإرهاب به، وإلى نص ما كتب المؤلف.

لقد استطاعوا استعداء العالم على العرب والمسلمين، ليمرروا قرارات تتفق مع مصالحهم، وتجد لها تعاطفا من دول العالم بما فيهم الأمانة العامة للأمم المتحدة، وليس أدل على ذلك من الكلمة التي ألقاها أمين عام الأمم المتحدة في مؤتمر القمة العربية، الذي عقد في بيروت بدون خجل أو حياء، متهما القادة العرب بأنهم يعدون أجيالا من الإرهابيين، وأن أنظمتهم التعليمية ترسخ في أذهان الطلية الإرهاب. والغريب في الأمر أن الاتهام م بدون اعتراض من القمة، أو تلقين المتحدث درسا في أصول احترام الدول وقادتها، ولكن ذلك يتفق مع قول الشاعر..

ما لجُرْحٍ بمَيّتٍ إيلامُ  – مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ

  إن أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، كأنما كانت تنتظرها إسرائيل بفارغ الصبره لتستطيع تنفيذ مخطط شرير جهنمي تمت الترتيبات له منذ أمد، و تم الإعداد له بكل الوسائل لتستطيع استغلاله في تحقيق القضاء الكامل على السلطة الفلسطينية، وما يترتب على ذلك من احتلال كامل الكل أراضي فلسطين، ودفن حقوق الشعب الفلسطيني إلى الأبد، لتقوم على جماجم الشهداء دولة البغي والعدوان.

الست أدري أي ظلم يعنون، وأي شر يقصدون في الوقت الذي يقومون فيه بقتل وتدمير وتشريد الشعب الفلسطيني، واستباحة كل القيم الإنسانية، والشرائع السماوية؟ إنه التزوير المتأصل في أخلاقياتهم، والمستمر على مر العصور يتناو به جيل بعد جيل، والعمل على غرس السموم في نفوس و عقول البشر بكل عناية، وتحريف الكثير من التعاليم السماوية ؛ لتحقق لهم التميز في المجتمعات، والسيطرة على مقدرات الشعوب بوسائل شتی؛ منها التحكم في المؤسسات المالية في مراكز المال الموجودة في العالم : مثل أمريكا وأوروبا.

وكذلك السيطرة على وسائل الإعلام المختلفة وتوجيهها بما يحقق لهم غسل العقول، وتهيئة النفوس، لتتقيل ما يقومون به من أعمال إجرامية، والتحكم في مقدرات الشعوب؛ لتصل بها إلى الاستعداد الكامل للموافقة على كل ما تقوم به تلك العصابة الشريرة. وليس أدل على ذلك من موقف الولايات المتحدة الأمريكية التي تعطي میرا شرعيا للجريمة، والتدمير، والقتل بدون وازع أو ضمير و تحت مسمى محاربة (الإرهاب).

فماذا أنتم فاعلون یا عرب؟

إذن ألم تكن إسرائيل هي المستفيدة من أحداث سيتمپر؟ ذلك ما يؤكده ما يحصل في رام الله و جنین و نابلس من جرائم نراها، و نسمع عنها في جميع وسائل الإعلام في العالم، من قتل وتدمير، واعتقال، وإذلال، وتدمير للمساجد والكنائس، وأطفال و نسائه وشيوخ تهدم المساكن عليهم بدون رحمة.

فهل تلاقت مصالح شركات البترول مع مخططات الصهاينة لتحقيق أهداف مشتركة، ومصالح استراتيجية يكمل بعضهم البعض؟

وذلك لتحقيق الأهداف الآتية:

أولًا: استخدام مصطلح الإرهاب)، وواصم العرب والمسلمین بالإرهابيين؛ ليكون هذا مبررا للولايات المتحدة الأمريكية ؛ لضرب أفغانستان، وتدمير وقتل وتشريد أبنائها، في حين لم تتجرأ أية دولة إسلامية على اعتراض ما جرى من أحداث محزنة؛ كان من جرائها سقوط مئات الشهداء، وتدمير البيوت على من فيها خوفا من إلصاق تهمة الإرهاب بهم.

 ثانيًا : استغلال إسرائيل في محاربة الإرهاب) ليبرر لها القيام باعتقال السلطة الفلسطينية، وتصفيتها، واحتلال الأراضي الفلسطينية، تمامًا كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية من قتل وتدمير في أفغانستان باسم محاربة الإرهاب.

ثالثًا: استغلال تهمة الإرهاب الإرهاب الدول العربية والإسلامية، وهو الأمر الذي يجعل العالم العربي يتردد عن القيام بأي مشروع يحافظ على حقوقه، ويحمي سيادته؛ خوفا من تهمة الإرهاب التي استقرت – مع الأسف- في عقول العرب والمسلمين؛ وكأنها حقيقة من بها، وأصبحت سيفا مسلطا على الرقاب.

إن من أبسط الحقوق في كل الشرائع والقوانين الدولية أن يطلع المتهم على عريضة الاتهام، والأدلة التي تؤكد اتهامه؛ ولكن للأسف لم تتقدم الأمانة العامة للمؤتمر الإسلامي، والأمانة العامة للجامعة العربية بطلب رسمي من أمريكا، أو إسرائيل للاطلاع على وثائق التحقيق لمعرفة صحة الاتهامات الموجهة للعرب المتهمين بالإرهاب؛ لذلك انطلت الخدعة على قادة العالم، وصاروا يتعاطفون مع الدولي المحتلة، ويجدون لها مبررات للعدوان، فلا يوجد في الساحة من يكشف زيف تلك الادعاءات وتضليلها؛ فإسرائيل وحيدة منفردة بالساحة الإعلامية على مستوى العالم، والعرب والمسلمون مشغولون بتناقضاتهم.

فمتى يا ترى يحين الوقت الذي يتخذ فيه العرب قرارا شجاعا، ويتم الاتفاق بينهم على وضع استراتيجية عسكرية أمنية تكون لها القدرة على توظيف القابليات العربية في خدمة الأمن القومي العربي قبل أن تتساقط الدول العربية كأوراق الخريف الواحدة تلو الأخرى تحت نیر استعمار جدید لا يعرف الرحمة و يستبيح كل شيء، وتفقد الأمة العربية مرة ثانية استقلالها وسيادتها، و ل شعوبها تحت أغلال المستعمرين الجدد؟

فماذا أنتم فاعلون یا عرب؟

الأمر خطير والتهمة لا يستهان بها؛ فقد تم استغلالها بوصف العرب والمسلمين إرهابيين بوصفها وسيلة رخيصة للابتزاز. وأقول – والأسبی یملا قلبي – لقد استعدت العقول والنفوس في العالم العربي والإسلامي لاستقبال كل عمل يتعارض مع مصالح العرب والمسلمين، ويتناقض مع العقيدة الإسلامية السمحاء، لا يستطيعون درأه، ولا مواجهته خوفا من اتهامهم بالإرهاب أو بمساندة الإرهاب. وهكذا أصبح الإرهاب المزعوم يستخدم الإرهاب الدول العربية والإسلامية. إنني أخشى ما أخشاه أن يرسخ مرض الوهن في القلوب، وأن تستسلم العقول، فتستباح سيادة أمتنا، وتضيع حقوقنا، ويستعيدنا الأشرار.

فماذا أنتم فاعلون یا عرب؟

إن أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وما تلاها من حملة إعلامية مضللة يقودها عقل صهيوني شرير ومنظم، استطاع أن يشن حملة مدروسة ضد كل ما هو عربي وإسلامي وربطه بالإرهاب، وقد سخر لهذا كل وسائل الإعلام، واستطاع كذلك أن يرسخ هذه الصورة في سياسة الإدارة الحاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي صياغة قراراتها، ومواقفها تجاه العرب و المسلمین، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

فمنذ اللحظة الأولى من تفجير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، تم توجيه أصابع الاتهام إلى بعض الضحايا العرب الذين كانت تقلهم الطائرات المنكوبة ؛ و من ثم ألقيت بعدها التهمة على الأمة العربية والإسلامية، فلقد تمكنت الآلة الإعلامية الصهيونية من أن تضع حجابا كثيفا على حقيقية الأحداث، وأن تشل التفكير -على كل المستويات- في مدى مصداقية ما حصل.

بل إنها صاغت الأحداث على نحو شرير اعتمد على الدجل، وتشويه الحقائق؛ لتقوم بأفظع جريمة ضد الإنسانية؛ بل وأكثرها خطورة فتقتل الأبرياء، وذلك باستغفال العالم، وافتعال الحديث ، و تضليل العقل الإنساني عن حقيقة تلك الأحداث، لتهيئة الشعب الأمريكي لكي يتقيل ما سيعقبها من خطط تعبث بعقول القيادات الأمريكية، وتكسب مشاعر الشعب الأمريكي، ليبارك كل عمل تقوم به إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، فيساندها، ويبحث لها عن مبررات للقتل والتدمير، والاحتلال الكامل للأراضي الفلسطينية، لتمارس فيها القتل، والتعذيب، والإذلال، والدمار الذي لم تعرف الإنسانية مثله على مر العصور، فهو يفوق المأسي البشعة التي ارتكبتها النازية. إن إسرائيل تمارس اليوم سلوا نابعا من و نفوس مريضة؛ فقدت الضمير، واستخدمت الخداع، واستهوتها الدماء.

فماذا أنتم فاعلون يا عرب؟

إذن فقد نجحت الصهيونية في قلب الحقائق وتشويه المفاهيم التعبئة الرأي العام الأمريكي، واستطاعت أن تخدع الإدارة الأمريكية في اتخاذ موقف لا يستند إلى منطق، ولا عقل، ولا بصيرة باستعدائه على العرب ودينهم الإسلامي، ومما لا شك فيه هو أن المخطط الإسرائيلي في توجيه تلك الأحداث اعتمد على ضعف الموقف العربي، وفقدانهم لاستراتيجية المواجهة، وعملهم المنفرد الذي لا يستطيع مواجهة عمل مخطط له على نحو جهنمي وشرير.

وهكذا استطاعت المؤامرة الصهيونية استغلال تلك الأحداث في جعل العرب والمسلمين ينطرون على أنفسهم، وينهزمون في داخلهم؛ ليكونوا مهيئين لاستقبال فصل آخر من فصول المؤامرة. فحينما بدأ البحث عن مبررات لتوجيه ضربة مدمرة للعراق؛ ليتحقق بذلك مزيد من إخضاع الدول العربية، وتحطيم معنويات قادتها وشعوبها، وإجبارها على الاستسلام و بذلك تنصاع ذليلة مهانة ممزقة لتحقيق أهداف آل صهيون؛ فيتحقق لهم الاستيلاء الكامل على أرض فلسطين، وتقوم دولة إسرائيل، بحماية المصالح الأمريكية، و تتوعد كل من لا يسير في ركبها، لتستمر في إذلال أبناء فلسطين ليسلموا لها ما تريد، وهم صاغرين منكسرين لا حول لهم ولا قوة.

فماذا أنتم فاعلون يا عرب؟

وفجأة انعقد مؤتمر القمة العربي الأخير في بيروت، وأرسل رسالتين للعالم و الإسرائيل، أولاهما: مبادرة الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود کی والتي تقول إن الأمة العربية والإسلامية داعية سلام، وليست داعية حرب، وأنها مستعدة لتحقيق أمن إسرائيل إذا التزمت بقرارات الشرعية الدولية، وأعادت الأرض المحتلة لأصحابها.

لكن إسرائيل ترى غير ذلك، فليس من مصلحتها قيام دولة فلسطينية ذات سيادة ينعم شعبها بأرضه، ويعود اللاجئون إلى أرضهم وسكنهم؟ لأن ذلك يتعارض مع الفكر الصهيوني القائم على التوسع، وضم مزيد من الأراضي ليتحقق حلمهم بإنشاء دولة إسرائيل الكبرى التي تمتد حدودها التبتلع أراض عربية كثيرة.

ومن هذا المنطلق لا يمكن بأية حال من الأحوال أن تقبل إسرائيل السلام مع العرب السلام المبني على العدل، وتطبيق القرارات التي أقرتها الشرعية الدولية ، لكن إسرائيل تضرب بها عرض الحائط، وتظل تعمل في الظلام بوسائل شتی؛ حتى تتحقق لها مبررات الاستيلاء الكامل على الأرض، وهذا ما يحدث الآن.

فماذا أنتم فاعلون یا عرب؟

الثانية: قرار مؤتمر القمة العربية الأخير برفض ضرب العراق الشقيق، وبالرغم من أن هذا القرار جاء متأخرا؛ حيث كنت أتمنى أن يكون قد اتخذته القمة العربية أثناء انعقادها في القاهرة في التسعينيات؛ حينما ضرب العراق وشعب العراق ضربات قاسية، وحينما تخلى العرب عن معالجة خلافاتهم، وفوضوا أمرهم إلى من لا يحترم عها، ولا يعرف ودا، ولا يؤتمن على سير، فهو الذي أعطى إسرائيل اعترافا صريحا في سنة 1948 بقيام دولة الشر. أعطاه العرب صلاحيات ليقوم نيابة عنهم بإجلاء الجيش العراقي من الكويت، فدمر البنية التحتية للعراق، ودمر سلاحه وعتاده، وحطم جيشه تماما، فصرنا كما حدث لأمتنا من انهيار وتمزق وتشتت في الماضي، فإنها تعانيه اليوم في الحاضر؛ إرادة مسلوبة، وتحركات ممنوعة، وأرض مستباحة، وسیاد منقوصة.

ونستكمل في الحلقة القادمة الجزء الثالث من الفصل الثامن من كتاب “ومضات علي الطريق العربي ” للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي بإذن الله

Leave A Reply

Your email address will not be published.