رسائل وفاء وإخلاص عن الدين والجبهة الداخلية .. الحلقة الثانية والعشرون  من كتاب “ومضات علي الطريق العربي ” للمفكر العربي علي محمد الشرفاء

0

في الحلقة الثانية والعشرين من كتاب “ومضات علي الطريق العربي ” للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، وهو عبارة عن دراسات ومشاريع وحلول لواقع المستقبل العربي في القرن الواحد والعشرين يتحدث المؤلف عن مصر، كونها حاضرة في قلب وعقل و ضمیر کل عربي؛ وما تمر به من تحديات ومخاطر جسام، وبعث  خلال الحلقة رسائل وفاء وإخلاص عن الدين والجبهة الداخلية نسردها في المقال، وإلي نص ما كتب المؤلف.

رسائل وفاء وإخلاص

عن الدين والجبهة الداخلية

الرسالة الأولي إلى المحاور الدكتور جمال البناء بتاريخ 11/5/2011

الدين الله والوطن للجميع

الأستاذ الجليل الدكتور جمال البنا الموقر‪.

تحية طيبة وبعد.

كنت ومازلت أتابع حواركم الجريء على قناة ‪(دريم)، وأنت تحاول بكل إخلاص إيقاظ العقل العربي، لتنفض عنه ما تراكم عليه من غبار طمس فيه البصيرة، و عطل فيه التفكير الذي أمر الله به عياده ليستطيعوا أن يتبعوا الطريق الذي يوصلهم إلى أسس الحياة الكريمة، والتي تعتمد على الحرية، و العدالة الاجتماعية، والتراحم، والخلق الحسن. وقد حكم الله الناس بحکم واضح لا ليس فيه، ولا يحمل تتأويل قوله تعالى:«تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (البقرة / 134).

 لقد اجتهد الأقدمون، وأخلصوا في طلب المعرفة بما يتناسب مع ظروفهم، و أوضاعهم الاجتماعية ؛ والله يأمر كل جيل أن يجتهد، وأن يستخدم عقله فيما أراده، وأن يوظفه في خدمة الإنسان؛ لذا فقد رسم – سبحانه و تعالیعلامات على الطريق، أولها الرحمة، والعدل، والإحسان، والخلق الحميد، ومن خلالها يجد الإنسان في طلب المعرفة والعلم، ويسهم في بناء حضارته الإنسانية ليحيا الناس جميعا تجمعهم المحبة والتعاون، ولتستمر المسيرة الإنسانية، وتعلو في قيمتها الروحية والمعنوية، وترتقي في حياتها المادية بما يحقق للناس عيشا مرفها بجو من الأمن والسلام.

إن ما حدث في 25 يناير 2011، من انبعاث جديد للشعب المصري الذي انفجر كالبركان لينهي سنوات الكبت والاستبداد، ويؤسس منااحوا يستطيع الإنسان فيه أن ينطلق بفكره كما أراد الله له، وأن يعبر عن قناعاته بدون خوف أو بطش. فإزاء ذلك ألا ترى معي، ومن المنطلق نفسه أن يتم وضع نهاية للاحتقان الطائفي الذي سييه الفهم الخاطئ للدين الإسلامي؟

إن أهم قضية لا بد أن تحسم هي سوء الفهم الناجم عن حرية الأديان، ويكون علاج ذلك بأن تضاف مادة في الدستور الجديد مستلهمة مع هدي القرآن الكريم، ورسالة الإسلام؛ بأن الله – سبحانه وتعالى – حرر إرادة الإنسان، ومنحه الحرية الكاملة في اختيار عقيدته، وأن الآيات الكريمة تؤكد ذلك، كما في قوله تعالى:

«فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ» ‪)الكهف/ 29).

 «سْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍۢ»(الأنعام / 66).

«لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ»(البقرة / 256).

إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ» ‫(25)«ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ»(الغاشية ‫26/25)»

(99/أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (يونس

لذلك أقترح إضافة مادة جديدة في الدستور، كما يأتي‫:

 يحق لكل مواطن مصري بلغ الثامنة عشر من عمره أن يختار الدين الذي يتفق مع قناعاته بكل حرية، بدون وصاية من

أية مؤسسة دينية، أو من والديه، أو من أية جهة أخرى؛ فلا وصاية عليه من أحد، ولا رقيب عليه غير الله الذي خلق الناس جميعا‫).

أما قوله تعالى «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»  (الحجرات/13)، فمنطوقها فيه تحديد واضح، وتأكيد بأن الله يريد من الناس جميعا أن يتعاونوا، ويتعارفوا في الحياة الدنيا، وأن الجزاء، والتكريم، والثواب، و العقاب اختصه – سبحانه- لنفسه، ولم يوكل به أحد من خلقه.

وحينذاك يمكن تأكيد المصطلح المتداول وهو (الدين لله والوطن للجميع)؛ والذي تؤكده هذه الآية الكريمة؛ فهي تكليف من الله لخلقه بالعمل على التعارف والتعاون، و استنباط التشريعات اللازمة لتحقيق التعاون بين الناس، والعمل على بناء مجتمعات متحابة مسالمة؛ تتشارك جميعها في خلق حياة كريمة أساسها الرحمة، والعدل، والسلام.

وتفضلوا بقبول تحياتي ودعائي لكم بالتوفيق والسداد

الرسالة الثانية إلى نقيب الصحفيين المصريين بتاريخ 25/9/2010

حماية الجبهة الداخلية

سعادة الأخ الأستاذ مكرم محمد أحمد المحترم ؛ نقيب الصحفيين المصريين

تحية طيبة وبعد‪.

لقد شاءت الأقدار أن تكون مصر، مركز الثقل في العالم العربي والإسلامي، ومركز النور والفكر، وذلك لما حباها الله

-تعالى- من قيادات فكرية، وقدرات علمية تزخر بالكفاءات؛ فقد أسهم علمائها في التراث الإنساني، وتطوره في خدمة البشرية.

إن موقع مصر الجغرافي، وحركة التطور في الأحداث الماضية و المحاضرة پرتب عليه مسئولية تاريخية عظيمة في مواجهة المؤامرات التي يتم تخطيطها للأمة العربية؛ لكي تستمر حالة التشرذم والفرقة بينها ؛ بحيث تستطيع إسرائيل – بما لديها من قدرات خبيثة – توجيه قادة العالم الغربي، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، لدعم خططها، وتقوية قدراتها، والدفاع عنها في المحافل الدولية التي تأسست لتكون في خدمة المصالح الصهيونية العالمية.

إن نظرة إسرائيل لمصر الوطن، والتاريخ، والشعب؛ ترى فيها قوة قادرة على التأثير على المصالح الإسرائيلية في المستقبل، ولا ننسى أن مصر الفرعونية كانت دائما في حالة حرب ضد اليهود، كما أن معركة حطين بقيادة صلاح الدين الأيوبي، وهزيمة الصليبيين، و تحرير المسجد الأقصى منهم، ثم حرب العبور في 6 أكتوبر 1973. كل هذا يعني في استراتيجية الإسرائيليين أن مصر تشكل خطورة على وجودهم في المستقبل.

لذلك لا بد لهم من إعداد خطط تجاه تلك الخطورة؛ كما حدث في تدمير العراق، حيث تذكرت إسرائيل، و من أعماق التاريخ، كيف تم تدمير دولتهم بيد زعيم عراقي اسمه (نبوخذ نصر)؟ وما قام به صدام من تهديد، وإعلان قدرته على تدمير نصف إسرائيل في أبريل 1990، وعند ذاك استطاعت إسرائيل استخدام الولايات المتحدة الأمريكية في تدمير العراق، وإعادته للقرون الوسطى؛ حتى لا يشكل خطورة عليها في المستقبل، أما بالنسية لمصر، فما هي الوسيلة للعبث بمقدراتها؟ ما عليهم إلا أن يسلكوا طريقا واحدا، وهو خلق الفتنة بين الأقباط والمسلمين.

لقد بدأت المؤشرات تنذر بالخطر؛ لذا فإنني أناشد ضميرك الوطني، ووعيك القومي في اتخاذ كافة الوسائل مع زملائك في نقابة الصحفيين، والمؤسسات الإعلامية، والدينية لكلا الطرفين، وكذلك على مستوى مجلس الشعب، أن تتوحد العقول، وتسود الحكمة، وأن يتكاتف الجميع في سبيل إطفاء النار التي إذا اشتعلت فعلي مصر السلام؛ إذ إنه لن يكون بعدها مهزوم ولا منتصر.

لذا فإنني أهيب بك أن تبادر بالدعوة إلى حوار وطني إيجابي، تدعي إليه كافة الأحزاب بدون استثناء؛ لأن موضوع الوحدة الوطنية فوق الأحزاب، و فوق المصالح، وفوق السياسة، على أن يتم الحوار السياسي في إطار المصلحة العامة بدون تجريح، أو شتائم حتى لا يتحول إلى صراع مصالح، وعندها يضيع كل شيء ؛ لأنه عندما يضيع الوطن فلن تبقى المراكز، ولن تبقى المصالح. وأن يتم بعد ذلك إصدار وثيقة يصادق عليها الجميع من أجل وحدة الجبهة الداخلية وحمايتها مما يتهددها.

وعلى الأخص أرجو أن يتم لقاء بين الإمام الأكبر، وبابا الأقباط، ليتم التوقيع على وثيقة الوحدة الوطنية وتكون قاعدتها (الدين لله والوطن للجميع)، ولا وصاية لأحد على الآخر إلا قناعاته وضميره. تلك الأمانة التي قبلها الإنسان من خالقه ؛ فمنحه الله حق الاختيار الحر للدين؛ يقابله الحساب عند الله فيما اختاره الإنسان.

لقد سبق لي منذ سنوات أن تحدثت مع مجموعة من خيرة رجال مصر المخلصين، والمهمومين بقضاياها، وشرحت لهم قلقي مما قد يؤديه الاحتقان بين الأقباط والمسلمين إلى أن نخسر كل شيء فإذا خسرنا مصر فالسلام على بقية الأقطار العربية. فالله أدعو أن يجنب مصر الأخطار، وأن يهدي قادتها؛ لكي يحافظوا على استقرارها، وأن يتصالح الشعب بكل فئاته من أجل مصر وشعبها، واستمرارها في حماية أرضها، والدفاع عن حقوق أمتها العربية. كما أسأل الباري -عز وجل- أن يعينك، ويوفقك في مسعاك التحقيق هذا الهدف قبل أن يسبق السيف العذل.

الرسالة الثالثة إلى سفير مصر في الإمارات العربية المتحدة  بتاريخ 6/1/2011

ليحفظ الله تعالى مصر ويجنب أهلها الفتن

سعادة الأستاذ محمد تامر منصور المحترم

 سفير جمهورية مصر العربية في دولة الإمارات العربية المتحدة

تحية طيبة وبعد

أرفق لسعادتكم رسالة أرسلتها إلى الأستاذ مكرم محمد أحمد نقیب الصحفيين بتاريخ

28/9/2010

، وذلك قبل شهرين أو أكثر من التفجير المشئوم؛ الذي حدث في الإسكندرية يوم 1 يناير 2011. كما سبق وأبلغ الدكتور إبراهيم كامل أبو العيون – عضو لجنة السياسات في الحزب الوطني – منذ أكثر من خمس سنوات، عندما التقيته في دبي بفندق البستان، وشرحت له مخاوفي من احتمال قیام فتنة في مصر، يتم استغلالها نتيجة لشعور الإخوة الأقباط بالغين، والظلم في التمييز في المعاملة مع الغالبية من السكان المسلمين. وعليه، فإن المصلحة العليا للأمن القومي المصري تتطلب معالجة الموقف بالسرعة الممكنة.

إن تقرير الدكتور العطيفي الذي قدمه للحكومة سنة 1972، بشأن الحلول المقترحة لمعالجة المشكلة الوطنية، خوفا من أن يتم استغلالها في تعقيد الموقف السياسي والأمني؛ وما سيترتب من ذلك على مصر – الوطن والدولة من ويلات لا يعلم مداها إلا الله. فقد جاء في ذلك التقرير توصيات غاية في الأهمية؛ يجب الأخذ بها، ولا بد من تدارك الأمر، وحسم الأمور بدون تسويف أو تأجيل؛ حيث إن الموقف لا يسمح بذلك، وأمامنا ما نراه يحدث من سياسة تمزيق الأوطان؛ كما في العراق بالنسبة للأكراد، وما يحدث في السودان بالنسبة لجنوبه، وما قد سيحدث غدا في مصر، تتحمل مسئولية تدارکه، وعلاجه القيادات الوطنية الواعية والحكيمة.

فالله يحفظ مصر مما هو مبيت لها في الظلام، وما يمكن أن يتم استغلاله من نقاط ضعف في المجتمع؛ لذلك فإنني أرى أنه لا بد من اتباع النقاط الآتية المعالجة الخلل قبل أن يقع:

أولًا: تطبيق قانون العبادة الموحدة، وأية قوانين لها علاقة بالمواطنة.

ثانيًا: منع منح التراخيص لأية قناة فضائية تعتمد، وتبث البرامج الدينية فحسب؛ كما يجب إغلاق القنوات التي تبث سموم الكراهية، والفرقة بين الأديان، والعداوة في المجتمع؛ سواء كانت قنوات إسلامية، أو قبطية.

ثالثًا: إنشاء مجلس الأمن الوطني الذي يضم في عضويته رئاسة الحكومة، ووزارة الخارجية، ووزارة الداخلية، وأجهزة الأمن، عسكرية كانت أو أمنية، علاوة على شيخ الأزهر، وبابا الأقباط، وكذلك رؤساء الأحزاب السياسية المعتمدة في الدولة، ونقيب الصحفيين؛ لغرض التركيز على مفهوم الوحدة الوطنية؛ ولتجنب ما لا يحمد عقباه في المستقبل.

هذه خواطر یا سعادة السفير، من مواطن عربي درس في مصر، وشرب من نيلها، وتزوج من أهلها، وشارك معه إخوة کرام من مصر أثناء إعداد مشاريع قوانین و دستور اتحاد الإمارات العربية المتحدة؛ حيث إن لمصر حكومة وشعبا بصمات كريمة على تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، سيكتبها التاريخ بأحرف من نور. فالله يحفظ مصر، ويجنب أهلها الفتن، ويبرهم بالمستقبل، ويعينهم على تجاوز هذه المرحلة ويقودهم إلى بر الأمان.

Leave A Reply

Your email address will not be published.