
دعوة للرجوع إلى الله ..الحلقة الأولى من كتاب ومضات علي الطريق ( المسلمون بين الآيات والروايات) للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي
أعزاءنا القراء.. من جديد نواصل معكم نشر الجزء الثالث من كتاب ومضات علي الطريق (المسلمون بين الآيات والروايات) للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، وفي هذا المقال نستعرض معكم مقدمة الجزء الثالث وما احتوته سطور الكتاب، حيث تحدث الكاتب عن بعض عناصر رسالة الله للناس موجهًا آياته لهم؛ للعقل الذي كرَّم الله به الإنسان خلقه عن الدواب والحيوان، ليتبين لهم حقيقة آياته ومقاصدها منفعة الإنسان، وما يعود عليه من خير وصلاح تحقق له حياة كريمة وموضحا أن الله سبحانه يحاورعباده بالعقل والحجة المنطقية، بينما أهل الروايات وشيوخ الدين والمفسرون والواعظون والدعاة يخاطبون النفس الأمارة بالسوء، واستعدادها العاطفي باتباع طريق الشيطان الذي ينتهي بهم إلى الخسران في الدنيا والآخرة، وإلي نص ما كتب المؤلف.
دعوة للرجوع إلى الله
هذا الكتاب محاولة مخلصة ونداء من القلب والعقل معاً من أجل البحث بكل التجرد في كتاب الله الذي تحدّى بيانه كلَّ بيان.
كما يستعرض مقاصد آياتِ القرآنِ لخير الإنسانية جميعًا في دعوته للرحمة والعدل والحرية والسلام والتعاون بين جميع البشر ، من أجل أن يعيش الإنسان آمنا على حياته، لديه مَسْكِّنه موفراً قوت يومه في سلام واستقرار، يؤدي عباداته، يتبع هدى الله وآياته، يُعمر الأرض ويكتشف ما فيها من بركاته ليوظفها في خدمة الإنسان وسعادته في حياته الدنيا، ليشكر الله على ما رزقه وسخر له مخلوقاته من الأنعام والنعيم ليستعين بها في مواجهة متطلبات حياته، ورسم له منهاجا يسير على هدى ونور يحقق له في الآخرة خير الجزاء في جناته.
قضية رسالة الإسلام للناس هي خطاب الله لخلقه كلف به رســـــوله ليبلغه للناس وهو من البشر، وخاطبه الله تأكيداً على هويته أنه إنان من خلقه كلفه الله بمهمة محددة.
وقال سبحانه بخطابه يأمره: ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (الكهف:١١٠).
آية اختصرت دين الإسلام في جملتين فقط ، العمل الصالح وعدم الشرك
بالله، فهل بعد ذلك يحتاج إلى تفسير أو فتاوى أو توضيح؟
التوحيد والعمل الصالح
تعني الجملتان؛ التوحيد بالله (لا إله إلا هو ) و العمل الصالح الذي ينفع ويمنع عنهم الضرر بكل أشكاله، واحترام حق الإنسان في الحياة الكريمة وحق الاختيار للعقيدة التي تناسبه دون إكراه، وممارسة الرحمة بالعدل بين الناس وتحريم الظلم وتحقيق التكافل بين أفراد المجتمع، حتى لا يبقى فقير يسأل ولا جائع ولا مريض يبحث عن الدواء لاجى ليس له مأوى، ولا مظلوم يطالب بحقه.
كل إنسان يرفق بأخيه الإنسان ويُحسن إليه ويتقرب كل الناس لهم بالاحترام والمودة والسلام؛ في مجتمع يعيش فيه كل الناس في تعاون على البر والتقوى تحت مظلة الرحمن.
تلك هي بعض عناصر رسالة الله للناس موجهًا آياته لهم؛ للعقل الذي كرَّم الله به الإنسان خلقه عن الدواب والحيوان، وهو يخاطب الناس سبحانه في أكثر من آية بدعوتهم للتفكر والتدبر، ليتبين لهم حقيقة آياته ومقاصدها منفعة الإنسان، وما يعود عليه من خير وصلاح تحقق له حياة كريمة.
ثم بعد وفاة الرسول عليه السلام -الإمام الأوحد والمعلم للإنسانية ورسول الله للناس- يدعوهم لتوظيف عقولهم لفهم دينهم فهماً صحيحًا وصادقاً موقنين بوحدانية الله وعظمته ومصدقين بيوم القيامة الذي فيه يبعثون مما يحمي الإنسان من الضلال في طريق الشيطان.
وقد حذر الله سبحانه الناس رحمة لهم بقوله: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة:٢٦٨)
الخطاب الإلهي يحذر من اتباع الشيطان
ذلك ما يدعو إليه الخطاب الإلهي وآياته الناس من مغفرة وفضل ويحذرهم من مغبة اتباع الشيطان لتدرك عقول الناس ما يحقق مصلحتهم. فماذا كانت دعوة شيوخ الدين وأصحاب الروايات وناشرى الإسرائيليات للناس؟ دعوتهم تتناقض مع ما أمر الله سبحانه به الناس في الآية السابقة، وقد ألفوا آلاف الكتب المزورة على الرسول من روايات وأحاديث كاذبة تدعو الناس لطريق الشيطان، تشوه قيم القرآن، وتسيئ لرسالة الإسلام وتشجع على الفحشاء والمنكر وتنشر خطاب الكراهية بين الناس، وتخدع المسلمين بقتلهم إخوانهم في الإسلام وتفجير إخوانهم من خلق الله في المجتمع دون ذنب.
يكفرون الناس ويستميلون النفوس المريضة والشريرة ليسعوا في الأرض قتلا وفسادًا. دعواهم تعكس قلوبًا لا تعرف الرحمة وضمائر ماتت وعقولاً استحوذ عليها الشيطان فأنساهم ذكر الله وتسلطوا على خلقه ظلمًا وعدوانًا.
الخلاصة ..
يحاور الله سبحانه عباده بالعقل والحجة المنطقية، يمنحهم الحرية وحق الاختيار بينما أهل الروايات وشيوخ الدين والمفسرون والواعظون والدعاة يخاطبون النفس الأمارة بالسوء، واستعدادها العاطفي باتباع طريق الشيطان الذي ينتهي بهم إلى الخسران في الدنيا والآخرة.
وشتان بين ما يدعو إليه الله سبحانه في كتابه الحكيم من رحمة وعدل وحرية وإحسان وسلام وتحريم القتل والظلم والعدوان، وبين ما يدعو به شيوخ الدين من الروايات المنسوبة للرسول ظلماً وبهتاناً، من تشجيع لطريق الشر وإقناع الناس بالظلم ونشر الفتن وجعلهم يعيشون حياة البؤس والضنك والدم.
فكيف تستقيم المعادلتان؟! إحداهما من خالق السماوات والأرض، والثانية من عباده الذين ضلوا طريق الحق والصواب.
فأيهما نتبع، قول الله وآياته التي بلغها الرسول عليه السلام للناس بعد تكليف الله له في قوله سبحانه: (كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الأعراف:٢).
نقل الإسرائيليات وطغيان الروايات على الآيات
وأمره سبحانه للناس وتحذيرهم من اتباع كتب غير ما ينطق به رسول من آيات الذكر الحكيم مخاطبًا الناس: (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) (الأعراف :٣).
فهل نتبع قول الله وأمره أم نتبع أقوال البشر من خلقه الذين اتبعوا فهل نتبع قول الله وأمره أم نتبع أقوال البشر من الشيطان في سعيه لتنفيذ وعده أمام ربه عند خلق الإنسان في قوله: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (ص:۸۲)
وتحذير الله للناس من الشيطان يقول سبحانه: (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا) (النساء:۱۲۰).
كما قال سبحانه: (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ«٢») (الأنعام).
ونسبت الروايات والإسرائيليات بالكم الهائل من الكتب والمجلدات التى أطلق عليها الأحاديث المنسوبة للرسول ظلماً وبهتاناً في طغيان الروايات والأحاديث المزعومة على الروايات ولذلك يخاطب الله رسوله بصيغة استنكارية ليبين للناس بطلان الأحاديث المنسوبة بالروايات للرسول في قوله تعالى: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) (الجاثية :٦)، فالله سبحانه يسأل رسوله عليه السلام في هذه الآية كيف يتبع المسلمون أحاديث مكذوبة على الرسول، ويتركون آيات القرآن المبين الذي يدعوهم للرحمة والعدل والسلام والإحسان، وتحريم قتل النفس وعدم الاعتداء على الناس والتعاون مع الجميع بالبر والتقوى، وعدم التعاون على الإثم والعدوان، فيجيب الرسول مخاطبا وشاكياً إلى الله أن السبب في ذلك هو قول الله سبحانه: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) (الفرقان: ۳۰).
استطاعت الروايات بكل القدرات والإمكانات المتاحة لأعداء الإسلام أن يحملوها تطغى على الآيات التي جعلتهم ينصرفون عن القرآن ويهجروه حينما استحكمت في العقول، وتم خداع المسلمين بتقديسها لما نسبت للرسول، فاستحوذت على أفكارهم وساقتهم إلى التنازع بينهم.
وذلك ما نعيشه اليوم؛ فقد انصرف الناس عما بلغه لهم رسول الله من القرآن واتبعوا ما ألفه العلماء وشيوخ الدين من روايات الشيطان، ويقضي الله بحكمه على الناس إما بجنة ونعيم وإما بنار وجحيم.
وحين يصل الإنسان بقناعته إلى تلك الحقائق، ستختفتي إلى الأبد وتزول أوهام الشيطان ورواياته ، تلك التي شوهت رسالة الإسلام وغاياته، وحينئذ ستعلو كلمات الله شامخة خفاقة على كل الروايات والإسرائيليات، كما وعد الله سبحانه في قرآنه الكريم، بقوله: (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (التوبة :۳۲).
ستظل آيات الله وكلماته مُشرِقةُ في كونه حتى قيام الساعة، تُضيء للإنسان عقله وتتنزل السكينة على قلبه، فتلك الآيات القرآنية هي التي تهديه إلى طريق الحق وهي التي تكسبه رضا الله، ليغفر له ذنبه ويبارك له سعيه، فتتنزل عليه رحمته وبركاته .. ويجزيه الله جنة النعيم في آخرته والله ولي التوفيق.
- المؤلف
- علي محمد الشرفاء الحمادي