الحج عبادة لتحرير العقل لا تقييد الجسد..بقلم المفكر العربي علي محمد الشرفاء

0

من منطلق الأخطاء التي يرتكبها بعض المسلمين في أداء فريضة الحج، ولتقليل الأمور التي اعتاد الناس عليها والتي لايمكن تجاهلها في موسم الحج 2025، ندعو في هذا المقال إلى العودة للنص القرآني الصافي، وتحرير الإسلام من الرواسب الفقهية التي حجبت جوهره الإنساني والروحي. وهنا وجب علينا أن نُقدم مقاربة متجددة، تُعيد لهذه العبادة مكانتها كوسيلة لتحرير الإنسان، لا تثقيله بالطقوس ولا تحويلها إلى تجارة موسمية.

 الحج عبادة تذيب الطبقية:

فالحج كما ورد في القرآن، هو دعوة مفتوحة لكل من استطاع إليه سبيلًا، بلا تمييز بين عربي وأعجمي، غني وفقير، أبيض وأسود. إنها عبادة تذيب الطبقية، وتُسقط الفوارق المصطنعة بين الناس، مصداقًا لقوله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَليَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ” (الحج: 29). ففي هذا الطواف المشترك، واللباس الموحد، والتلبية الجماعية، تتحقق رسالة التوحيد التي تنسف كل تمجيد للذات أو العِرق أو الانتماء السياسي، ويمكن وضع مجموعة من الخصائص للحج، هي:

(*) الاستطاعة شرط لا يسقط بالضغط الاجتماعي:  إن الاستطاعة شرط قرآني حاسم، وليس أمرًا يمكن تجاهله تحت ضغوط المجتمع أو الأعراف أو حتى الفتاوى. إذ يقول الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا” (آل عمران: 97).

(*) لا للتدين الموسمي والاستعراض في الحج: وهنا من الضروري أن تحميل الناس فوق طاقتهم – بدافع الرياء أو التفاخر – فهذا مخالف لروح الإسلام الذي قام على الرحمة والتيسير، لا على المشقة والإلزام. فما يفعلهة بعض المسلمين بدافع الرياء، هو سلةك ننتقده باعتباره “تديّن موسمي” الذي يحول فيه بعض النس العبادة إلى  ركن استعراضي”.

(*) الحج في الخطاب الإلهي لا في الخطاب الفقهي: من المؤكد أن كثيرًا من الشعائر المرتبطة بالحج، كما تُمارَس اليوم، خرجت عن مقاصدها الأصلية، فأصبحت عبئًا لا يحرر الروح، بل يقيّدها بأغلال الطقوس الشكلية. فالعودة للقرآن كمرجع أوحد في التشريع، تكشف لنا أن الحج ليس تجارة موسمية ولا فريضة جبرية، بل رحلة روحية نحو السلام الداخلي، والانعتاق من أغلال الأنا.

(*) ضد استغلال الشعائر… ومع تحرير الوعي: لا يُخفي على أحد أن المؤسسة الدينية التقليدية”، تستغل موسم الحج في تغذية الصراعات الطائفية، أو تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، وهذا يتنافى مع غاية الحج كما أرادها الله، وهي تحقيق التقوى والسكينة والعدل، لا التنافس على الفنادق والبعثات والتصريحات.

المسار الواضح:

نحن هنا لانكتفي بالنقد بل نطرح رؤية عملية، ندعو فيها جموع المسلمين إلى اتباع 4 شروط ، تصحح الأخطاء في أداء فريضة الحج، يمكن تحديدهم على النحو التالي

  1. قراءة القرآن مباشرة دون وسطاء.
  2. التمييز بين الثابت الإلهي والمتغير الفقهي.
  3. التوقف عن تحميل الحج دلالات غير قرآنية.
  4. مواجهة الاستغلال الديني والسياسي للشعائر.

الخلاصة، يمكن القول إن فريضة الحج ليست مجرد واجب ديني، بل رسالة إنسانية عميقة تهدف لتطهير القلب والعقل معًا، لذلك ندعو المسلمين إلى قراءة مقاصد الحج في ضوء القرآن، وهو ما يمثل محاولة شجاعة لفك الارتباط بين العبادة والاستغلال، بين الطقس والشكل، بين الله والبشر. وهي دعوة تستحق التأمل، لمن أراد أن يحج بقلبه قبل قدميه.

Leave A Reply

Your email address will not be published.