المفكر العربي علي محمد الشرفاء يكتب: دور القرآن في مواجهة اختطاف العقول
«القرآن منهج حياة.. استراتيجيات للعدالة والمحبة في الإسلام»
من رحمة الخالق سبحانه بخلقه أن أرسل الرسل والأنبياء بكتب كريمة من لدنه، يهدي بها الناس ويضيء لهم طريق الحياة وليخرجهم من الظلمات إلى النور بالعلم والمعرفة، تعينهم على أن يعيشوا في سعادة وسلام ورخاء وإخاء. و إن الله تعالى يخاطب العقل في قرآنه العظيم بأن يتدبّر الناس آياته ويتفكروا في مخلوقاته، ليؤسسوا على شريعة الله نظاماً، ويكفل للناس الحرية المطلقة في اختيار عقائدهم، ویرشد سلوكهم بقيم عظيمة، لم ترق لها أعظم الحضارات الإنسانية، بمبادئ العدل والتعاون والرحمة والسلام والمحبة بين الناس.
التجرد في التفسير .. استنباط معاني القرآن لتحقيق الوسطية والعدل
إنها دعوة للمثقفين في شتى المجالات، وعلماء الدين على اختلاف تخصصاتهم في العالم الإسلامي بكل طوائفهم، من أجل البحث الجاد والمخلص، في سبيل الخروج من الكارثة التي عاشها ويعيشها المسلمون من حروب ومعارك وصراعات على مدى أكثر من أربعة عشر قرنًا حتى اليوم، أسالت الدماء بغزارة، وذَرِفَتْ الدموع وبلغ الجوع مبلغه، وتفشت الأمراض مكتسحة الناس دون رحمة، وأفقرت المدن وحلت فيها العداوة والتنافر والكراهية والبغضاء.
إن عقلاء المسلمين والمثقفين، مدعوون اليوم إلى وقفة مسؤولة، دون تمييز لطائفة أو مذهب، أو فرقة أو حزب ، للتعاون والبحث الجاد المتجرد في سبيل الوصول إلى مفهوم واحد يتفق عليه الجميع، فيما تعنيه مقاصد آيات القرآن الكريم لخير الإنسانية، تاركين خلفهم مصادر رواياتهم، مدركين بوعي كامل وإيمان ويقين، بأن للدين الإسلامي مرجعية واحدة وهى كتاب الله سبحانه الذي نزله على رسوله محمد عليه الصلاة و السلام، والذي أمره الخالق بإبلاغ خطابه للناس جميعاً، وأن يكون القرآن الكريم مصدر استنباط التشريعات المختلفة التي تحتاجها المجتمعات الإنسانية لتنظيم شؤنها على أساس من العدل والرحمة ليتحد المسلمون ويكونوا بحق الأمة الوسط التي تحمل مشاعل النور الإلهي لتضيء به للإنسانية جمعاء، طريق الرحمة والعدل والحرية والسلام وتقدم للناس سبل الخير والتعاون واحترام حقوق الإنسان والتطور الحضاري، وليتخذوا موقفاً شجاعاً أمام الله وأمام أنفسهم ومجتمعاتهم بتجرد وإخلاص للتشريع الإلهي، ليعيدوا النظر بالتدبر وتحرّي الحقيقة في كتاب الله الكريم والبحث في أسباب الخلاف بين المسلمين منذ عهد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام.
رحمات الله وبركاته.. كيف يعيد القرآن الأمن والسلام للعالم
فلماذا ولمصلحة من كل هذه الجرائم؟ وتلك الحروب؟ ومتى سيتوقف القتل والتدمير؟ وكيف سيستطيع المسلمون إطفاء نیران الفتنة؟ إن ذلك لن يتحقق الا بالعودة لكتاب الله تعالى وقرآنه الكريم، الذي يضيء لنا الطريق ليخرجنا من الظلمات إلى النور. وعندئذ سوف ترفرف على المسلمين جميعاً رحمات الله وبركاته ويعود للبلاد الإسلامية والعالم أجمع الأمن والاستقرار والسلام. ومن أجلي ذلك أمرنا الله سبحانه بقوله: «اتبعوا ما أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ» (الأعراف: ۳).
إن طاعة الرسول ﷺ فيما ينقله عن ربه للناس من قرآن مجيد وكتاب حكيم أنزله الله تعالى بالحق لعبادة الله الواحد الأحد، لتهذيب سلوك الإنسان وهدايته لطريق الخير والصلاح والتعاون فيما بينه وبين سائر الناس على اختلاف دياناتهم وأعراقهم، وينذرهم بما نهى الله عنه من إثم وذنب كي يحمي الإنسان من شرور نفسه ويعينه على إتباع طريق الهدى، ليجزيه الله يوم القيامة خير الجزاء.