خطاب الجماعات الإسلامية شَوَّهَ رسالة الإسلام…الحلقة الحادية عشرة من الجزء الثاني من كتاب ومضات علي الطريق للمفكر العربي علي محمد الشرفاء

0

أعزاءنا القراء من جديد نواصل معكم نشر الجزء الثاني من كتاب ومضات علي الطريق، وهو عبارة عن مقترحات لتصويب الخطاب الإسلامي للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، وفي الحلقة الحادية عشرة يتحدث المؤلف عن خطاب الجماعات الإسلامية  وكيف شوه رسالة الإسلام متحدثا عن أنه حينما اتخذ دُعاة الإسلام منهم والوُعّاظ مرجعيتهم في الدعوة للإسلام ووعظ المسلمين من الروايات والأساطير الإسرائيلية والخُرافات، وانصرفوا عن القرآن الكريم الذى أنزله الله على رسوله لهداية الناس وسعادتهم فى الدنيا ، تسبب ذلك فى تفَرُّق المسلمين وتقاتلهم فيما بينهم وكلّ منهم يدَّعى أنَّه هو الطائفة الناجية، وبذلك شوَّهوا مبادئ الإسلام السمحة متسائلا  كيف ولماذا ابتعد المسلمون قرونًا طويلة عن تطبيق شرع الله تعالى في الخطاب الإلهي وما جاء به من قيم وأخلاق، موضحا أن علينا أن نختار بين طريق الحق وهو اتباع الخطاب الإلهي المنهج القرآني للناس جميعًا، وإما أن نتبع طريق الضلال واتخاذ الروايات بدلا من الآيات، ومؤكدا أن العودة لكتاب الله تعالى، وقرآنه الكريم،  تضيء لنا الطريقَ وتخرجنا من الظلمات إلى النور، وإلي نص ما كتب المؤلف.

لقد ترتب على تشكيل كيانات وجماعات تحمل أسماء إسلامية منتشرة في عدد من بعض الدول الإسلامية والعربية التي شوهت الدين الإسلامي.

وحينما اتخذ دُعاة الإسلام منهم والوُعّاظ مرجعيتهم في الدعوة للإسلام ووعظ المسلمين من الروايات والأساطير الإسرائيلية والخُرافات، وانصرفوا عن القرآن الكريم الذى أنزله الله على رسوله لهداية الناس وسعادتهم فى الدنيا ، باتباع تشريع الخالق سبحانه، الذي يؤسس لقيام مجتمعات تنعم بالرحمة والعدالة والحُريّة والسلام والاستقرار والتعاون فيما بينهم ودعوته للمحبة والتعارف مُستشهدًا بقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ «١٣»)(الحجرات).

وقوله تعالى مُخاطِبًا رسوله الكريم: ( نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ «٤٥») (ق).

وتلك دعوة الله لرسوله بأن يدعو الناس بالقرآن، ويبين لهم أحكامه وحِكمة الآيات التي تستهدف منفعة الناس وسلامتهم وأمنهم ليعيشوا في سعادة ووئام وتعاون وسلام.

«تلك كانت رسالة الإسلام أن يكون القرآن هو النور الذي يُخرِج الناس من الظلمات، ويحقق تحرير الإنسان فى اختيار عقيدته وحُسن معاملته مع الناس دون وصاية أو قهر أو فَرْض، ودون خطاب الكراهية الذى حرَّمه الله بين عباده، وتسبب ذلك فى تفَرُّق المسلمين وتقاتلهم فيما بينهم وكلّ منهم يدَّعى أنَّه هو الطائفة الناجية، شوَّهوا مبادئ الإسلام السمحة التى تدعو للعدل والرحمة.

لقد أساءوا لرسالة الإسلام، واعتدوا على شَرْع الله واتبعوا دينًا غير الإسلام دين مُؤسَس على الروايات وما فيها من ضلال وتضليل لعقيدة المسلمين، وغرسوا فى أذهان الناس أنَّ الإسلام يُمثل الإرهاب وجَزَّ الأعناق للأبرياء يُثير الرعب والاشمئزاز ، مما يجعل الناس يحملون الكراهية لدين الإسلام ويُثير العداوة مع الجاليات الإسلامية فى الدول الغربية وغيرها، ويصفهم الله سبحانه في قوله تعالى:(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا «١٠٣» الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا «١٠٤» أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا «١٠٥») (الكهف: ١٠٣ – ١٠٥).

مضيفًا: «ولا سبيل للمسلمين الخروج من الظُّلمات إلَّا بالعودة للخطاب الإلهي، بدلاً من الخطاب الديني، الذى أسس فكره على القتل والتكفير وخطاب الكراهية».

كيف ولماذا ابتعد المسلمون قرونا طويلة عن تطبيق شَرْع الله تعالى في الخطاب الإلهي، وما جاء به من قِيَم وأخلاق داعيًا الناس جميعًا للخير والمحبة والعدل والسلام والتدبُّر في قُرآنه والتعرف على دلالات آياته، وما ترمي إليه مِنْ مقاصد الله تعالى لخلقه رحمة بهم، تضمن للناس ما وعدهم به من نِعَم لا تُعدُّ ولا تُحصى، حيث سخّر للناس كل مخلوقاته في خدمتهم.

فكل المسلمين يجمعهم كتاب واحد وقرآن واحد ورسول واحد ، وعبادات واحدة ، للوصول إلى إزالة الفُرقة بين المسلمين وحرمان أعدائهم من استغلال وجود مذاهب مختلفة لإثارة الفتن والحروب فيما بينهم، بينما يرتع عدوهم في ثرواتهم، ويستبيح أوطانهم فتضيع الأوطان وتُنهب الثروات ويسقط مئات الألوف من الضحايا.

فلماذا ولمصلحة مَنْ كل هذه الجرائم؟ وتلك الحروب؟ ومتى سيتوقف القتل والتدمير؟ وكيف سيستطيع المسلمون إطفاء نيران الفتنة بينهم التى يُوظفهاعدوهم في خدمة أهدافه، لينْشَغِل العرب المسلمون بأنفسهم ويستغل الفرصة لإضعافهم حتى يسهل عليه نَهْب ثرواتهم واحتلال أوطانهم واستعبادهم، بعدما ضَعُفت قلوبهم واستسلمت نفوسهم عندما نسوا الله فأنساهم أنفسهم، والله يأمرهم بقوله سبحانه ( اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا «١٠٣») (ال عمران).

ويحذرهم بقوله سبحانه (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ «٤٦»)(الأنفال ).

كما أنَّ الله يريد لهم العزيمة والقوة بقوله سبحانه (إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ «١٧٥») (آل عمران).

ولو تمسك العرب بتلك الآيات لأصبحوا فى مَنْعَة وعِزة لا يجرؤ أحد على وجه الأرض، أن يفكر بالاعتداء عليهم أو نَشْر الفتنة بينهم ولكنَّ الله يعاقبنا على ما كسبت أيدينا.

إنَّ ذلك لن يتحقق إلا بالعودة لكتاب الله تعالى وقرآنه الكريم، الذي يُضيء لنا الطريقَ ليخرجنا من الظُّلمات إلى النور، وعندئذ سوف ترفرف على المسلمين جميعًا رحمات الله وبركاته، ويعود للبلاد الإسلامية والعالم أجمع الأمن والاستقرار والسلام، ومن أجل ذلك أمرنا الله سبحانه بقوله: (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ «٣») (الأعراف).

إنَّ طاعة -ﷺ- فيما ينقله عن ربِّه للناس مِنْ آيات بينات في قرآن مجيد وكتاب حكيم أنزله الله تعالى بالحق لعبادة الله الواحد الأحد، لتهذيب سلوك الإنسان وهدايته لطريق الخير والصلاح والتعاون فيما بينه وبين سائر الناس على اختلاف دياناتهم وأعراقهم وينذرهم بما نهى الله عنه مِنْ إثم وذنب، كي يحمي الإنسان من شرور نفسه ويُعينه على اتباع طريق الهدى، ليجزيه الله يوم القيامة خير الجزاء.

إنَّ الخطاب الإلهي يدعو للرحمة والعدل والحرية والسلام بين الناس، بينما الخطاب الديني الذى اعتمد على الروايات ومرجعيات دينية متعددة واجتهادات بشرية مُتناقضة تتخِذ مِنْ خطاب الكراهية والتكفير أُسلوب حياة وشعارًا دينيًا لمَنْ لا يتَّبع منهجهم، ويُحرضون على قتل الأبرياء ويصادرون حق الإنسان فى اختيار عقيدته، ويُشعلون الفتن في المجتمعات المُسالمة والخطاب الإلهي هو المرجع الرئيسي لرسالة الإسلام للأسباب التالية:

أولا : الخطاب الإلهي:

قال تعالى : (الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ «١» أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ۚ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ «٢» وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۖ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ «٣») (هود: ۱- ۳).

إنَّ الخطاب الإلهيَّ كلمة الله وآياته أمر رسوله أنْ يُبلِّغها للناس كافَّة ، في كتاب كريم (قرآن) مبين) يستهدف سعادة المجتمعات الإنسانية مُعتمدًا على عِبادة الإله الواحد، وضع لهم في آياته خارطة طريق تخرجهم الظُّلمات إلى النور بتشريع أوله الرحمة وأوسطه العدل، أساسه المحبة من بين الناس والتسامح والتعاون والسلام يُحقق الاستقرار للمجتمعات الإنسانية لتعمير الأرض وتنمية الثروات، للارتقاء بمستوى المعيشة للناس كل يجد رزقه ومسكنه، يعيش آمنا في وطنه دون خوف أو فزع أو ظلم. وقد وضع الخطاب الإلهي منهجًا متكاملا للإنسان، يتَّبعه في حياته الدنيا لا ظُلم فيه ولا اعتداء او تسلّط او قَهْر ، بلْ رحمة وتسامح وتعاون وسلام بين الناس، يؤسس لمجتمع يعيش في حُرية دون إكراه للإنسان في إتباع عقيدة أو مذهب أو طائفة ، فالله يحكم بين الناس يوم الحساب (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ «٣٨») (المنشر ).

إنَّ الخطاب الإلهي يدعو للسلام بين الناس، سلام مع الله بعبادته واتباع أوامره، وسلام مع المجتمعات بالالتزام بالأخلاق والفضيلة والقيم القُرآنية، ودعوته للتسامح وعَدَم الاعتداء والظُّلم وإفشاء السلام بين الناس، دونَ تفرقة لعقيدة أو لون كلهم خلق الله وإخوة في الإنسانية، بينما الروايات تدعو لإهدار حقوق الإنسان في حقه في الحياة و حُرية العبادة والوصاية عليه في علاقته مع الله، وفَرْض رقابة وتفتيش على نوايا الناس وإرهابهم وترويعهم بأساليب وحشية افتقدت للرحمة والقيم الإنسانية.

إن الخطاب الإلهي، مصدره القرآن الكريم من إله رحيم، يدعوهم لعبادته ويخاف عليهم عذاب يوم عظيم، يحمله رسول كريم يُبلغ رسالة ربه ويُضيء لهم دروب الحياة المُظلمة، ويُضيء للناس نُفوسًا مُعتمة، ويُخرجهم الظُلمات إلى النور ، ويُحوّلها إلى نفوس سعيدة مُحِبة للخير مانعة للظُّلم والشر، مُقبلة على الحياة راضية بما قَسَم الله لها من نعمة ورزق كريم، تُقدم المساعدة للمساكين وتُعين الفقراء والمُشرَّدين، تأوي اللاجئين تعطف على الصغير، تُساند المظلوم وتقف مع المحروم مُسالمة مع كل الناس دون تفريق بين دين أو لون أو جنس كل البشر أخوة في الإنسانية.

 والخطاب الإلهي مرجعيته الوحيدة القرآن الكريم، أنزله الله على رسوله وتكفَّل بحفظه حتى تقوم الساعة ليبلغه للناس كافة، تضمن فيه تشريع ينظم العلاقة بين الله وعباده، على أساس توحيد الخالق وأن لا نشرك به أحدًا ، ومبادئ يُؤسَس عليها تشريع ينظم العلاقة في المعاملات بين الناس، وقيم وفضيلة لضَبط سلوكيات الأفراد في المجتمعات، مبنية على أساس مِنَ المحبة والتسامح والرحمة والعدل وتهذيب النفس، بالارتقاء بها وبالقِيَم النبيلة التي وضعها الله في الخطاب الإلهي، منهج حياة يُحقق الأمن والحرية والسعادة في كل المجتمعات.

والقرآن هو الرسالة الوحيدة التي يخاطب بها الله عباده، وهو المرجعية الوحيدة للناس جميعًا ، يَستَنبطون منه تشريعاتهم ويتَّبعون منهجه بمكارم الأخلاق والقِيَم النبيلة التي يريد الله لعباده أن يتمسكوا بها، للارتقاء بإنسانيتهم والتعامل بينهم بالمعروف والتعاون والتكافل يعيشون في أمان وسلام.

ثانيًا: الخطاب الديني:

أمَّا الخطاب الديني فقد اعتمد على روايات قيلت على لسان الصحابة، منسوبة ظُلمًا وعُدوانًا للرسول (ﷺ)، ليس لها سَنَد أو دليل مِنَ المنطق، تتناقض مع آيات الله التي تدعو للمحبة والتراحم والتعاون والسلام بين الناس، بينما الروايات تتخذ مِنْ خطاب الكراهية والتكفير لمَنْ لا يتَّبع منهجهم، ويُحرضون على قتل الأبرياء ويصادِرون حقَّ الإنسان في الحياة وفي اختيار عقيدته ويُشعلون الفِتَن في المجتمعات المُسالمة، ويستبيحون كل ما تطال أيديهم من أموال وثروات، واستحلال حقوق الناس، يدفعون الشباب لتفجير أنفسهم لقتل الأبرياء مِنْ أطفال وكهول ونِساء مُقنعيهم بوعودٍ ضالة وكاذبة بالجنة وما فيها من حور عين وقصور ما لا عين رأت ولا أُذن سمعت.

إنهم أعداء الله وأعداء الحياة، أعداء للحضارة والتطور، وأعداء لشَرْع الله في كل ما أمَرَ به الله مِنْ عَمَل الصالحات والمعروف، واستباق الخيرات ونَشْر السلام لبَني البَشَر جميعًا ، وقد وصفهم الله سبحانه بقوله: ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ «٢٠٤» وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ «٢٠٥») (البقرة: ٢٠٤ – ٢٠٥).

لقد أسس الخطاب الديني الذي اعتمد على الروايات، لظهور مرجعيات دينية متعددة ومتناقضة خَلَقت طوائف عديدة في المجتمعات الإسلامية، وكل طائفة تعَصَبت لمرجعيتها فتفرق المسلمون في المجتمع الواحد، وأدى ذلك الى صراع فكري تصادمي، وتَحَوَل بعد ذلك الى اقتتال بين المسلمين في المجتمع الواحد مما ترتب على ذلك فُقدان الأمان وإسالة دماء الأبرياء، وانتشر الخوف والفزع عند الناس، فهجروا بيوتهم من أجل البحث عن الأمن والسلام وتفَرَقَت الأُسر وحلَّت بهم الكوارث، عندما توحَشَت النفوس التى تغلغل فيها الفكر الشيطاني المُجرِم.

وحيث أنَّ اتِّباع الروايات والإيمان بها وتقديس رواتها ساهمت في دعوة الكراهية واستباحة حقوق الناس، وأكل أموالهم بالباطل وإثارة الخوف والفزع في المجتمعات الإسلامية خلقت لديهم طبيعة عدائية عندما جَعَلت القتل مُتعة والدم لهوًا والموت غاية، دفعوا بكثير من البسطاء إلى الانتحار يفجرون أنفسهم ويقتلون العشرات من الأبرياء، أطفال ونساء وشيوخ ، منهج شيطاني يستمتع بسقوط الضحايا و يعيثون في الأرض فسادًا وتعاليًا على الناس غرهم الشيطان وأخذتهم العزة بالإثم، وانذرهم الله سبحانه بقوله (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ «٢٢٧») (الشعراء).

لذا علينا أن نختار بين طريق الحق وما فيه من خير وسعادة الدارين والذي جزاؤه مغفرة ورحمة من الله وجنة عرضها السماوات والأرض، وهو اتباع الخطاب الإلهي المنهج القرآني للناس جميعًا، وإما أن نتبع طريق الضلال واتخاذ الروايات بدلا من الآيات، وإتباع مرجعيات بشرية انصرفت عن كتاب الله وادَّعت لنفسها الزعامة الدينية، وابتعدت عن طريق الحق وعاثت في الأرض الفساد فمصيرها جهنم وبئس المصير.

الخلاصة:

لقد جاء الإسلام بالرحمة والمحبة والتعاون والسلام والعدل، حيث قوله تعالى يخاطب رسوله (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ «١٠٧») (الأنبياء) و (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ «٤») (القلم).

كيف ولماذا ابتعد المسلمون قرونًا طويلة عن تطبيق شرع الله تعالى في الخطاب الإلهي وما جاء به من قيم وأخلاق، داعيًا الناس جميعًا للخير والمحبة والعدل والسلام والتدبُّر في قرآنه والتعرُّف على دلالات آياته، وما ترمي إليه من مقاصد الله تعالى لخلقه، رحمة بهم، تضمن للناس ما وعدهم به من نعم لا تعد ولا تحصى، حيث سخّر للناس كل مخلوقاته في خدمتهم.

فكل المسلمين يجمعهم كتاب واحد وقرآن واحد ورسول واحد وعبادات واحدة، للوصول إلى إزالة الفُرقة بين المسلمين، وحرمان أعدائهم من استغلال وجود مذاهب مختلفة لإثارة الفتن والحروب فيما بينهم، بينما يرتع عدوهم في ثرواته، ويستبيح أوطانهم فتضيع الأوطان وتُنهب الثروات ويسقط مئات الألوف من الضحايا.

فلماذا ولمصلحة من كل هذه الجرائم ؟ وتلك الحروب؟ ومتى سيتوقف القتل والتدمير؟ وكيف سيستطيع المسلمون إطفاء نيران الفتنة؟.

إنَّ ذلك لن يتحقق إلا بالعودة لكتاب الله تعالى، وقرآنه الكريم، الذي يضيء لنا الطريقَ ليخرجنا من الظلمات إلى النور، وعندئذ سوف ترفرف على المسلمين جميعًا رحمات الله وبركاته ويعود للبلاد الإسلامية والعالم أجمع الأمن والإستقرار والسلام، ومن أجل ذلك أمرنا الله سبحانه بقوله: (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ «٣») (الأعراف).

إنَّ طاعة الرسول -ﷺ- له فيما ينقله عن ربِّه للناس من قرآن مجيد وكتاب حكيم، أنزله الله تعالى بالحق لعبادة الله الواحد الأحد، لتهذيب سلوك الإنسان، وهدايته لطريق الخير والصلاح والتعاون فيما بينه وبين سائر الناس على اختلاف دياناتهم وأعراقهم، وينذرهم بما نهى من إثم وذنب كي يحمي الإنسان من شرور نفسه، ويعينه على إتباع طريق الهدى، ليجزيه الله يوم القيامة خير الجزاء.

Leave A Reply

Your email address will not be published.