القرآن رسالة الإسلام1..الحلقة الأولى من الجزء الثاني من كتاب ومضات علي الطريق للمفكر العربي علي محمد الشرفاء

0

أعزائنا القراء نواصل معكم نشر الجزء الثاني من كتاب ومضات علي الطريق، وهو عبارة عن مقترحات لتصويب الخطاب الإسلامي للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، وقد بدأ الكاتب هذا الجزء بفصل تحت عنوان “القرآن رسالة الإسلام” سنعرض لكم منه “الجزء الأول” وفيه يقول الكاتب: هذا الكتاب هو دعوة للمثقفين والمفكرين وعلماء الأمة، لتصويب المفاهيم في الخطاب الديني، وما تسبب فيه من تشويه وتزوير وعبث في تفاسير القرآن، خطط له ألد أعداء الإسلام وهم اليهود، لتشويه رسالته وليتحقق لهم صرف الناس عنه، ولا تنحصر مسؤوليته في طائفة أو مذهب أو فرقة أو جماعة، فكل المسلمين يجمعهم كتاب واحد ورسول واحد يدعوهم باسم الله العظيم للتعاون، والبحث الجاد المتجرد للتدبر في كتابه الكريم، وصولا لمفهوم موحدٍ تلتئِمُ عليه الأمة، والوقوف على مقاصد ما عنته وبينّته آيات القرآن ، وتجنيب الروايات وما ساقه الأقدمون من تفسيرات وتشريعات وروايات وأحكام أفتريت على الله ورسوله بالكذب والتزوير، ليصبح القرآن وحده مرجعية وحيدة لرسالة الإسلام.

القرآن رسالة الإسلام

(إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا «٩») (الإسراء).

استطاع المتآمرون على رسالة الإسلام وأعداء الله أن يُنشئوا روايات تتعارض مع قيم القرآن وسماحة الدين الإسلامي، حين استطاعوا أن يمزقوا وحدة الرسالة الإلهية إلى مرجعيات متناحرة متصارعة ومتقاتلة، من خلال ترسيخ مبادئ الخطاب الديني على حساب الخطاب الإلهي، واعتماد الروايات المُفتراة على الله ورسوله أساسًا وسندًا لتفسير القرآن وأحكام آياته، وإغفال الآيات البينات، ومراد الله فيها من تشريعات لمنفعة الإنسان، وهدايته إلى طريق الخير والصواب، وحمايته من كل ما يُسبّب له الإيذاء، وتجَنّيبه الأخطاء، وإرشاده إلى اتباع تعليماته وتشريعاته وعظاته في تعامله مع أقربائه ومجتمعه، ويبيّن له طريق الارتقاء بالعلاقات الإنسانية فيما بينه وبين الناس جميعًا من خلال القيم الأخلاقية السامية.

ولذلك لابد من التفريق بين الخطاب الإلهي، والخطاب الديني.

 فالخطاب الإلهي مصدره ومرجعيته الوحيدة القرآن الكريم، هو كلمة الله وآياته، حيث أمر رسوله الكريم بأن يبلّغها للناس كافة في كتاب كريم -قرآن مبين- يستهدف سعادة المجتمعات الإنسانية، معتمدًا على عبادة الإله الواحد ، فقد وضع لهم خارطة طريق تخرجهم من الظلمات إلى النور بتشريع أساسه الرحمة، والعدل، والسلام والأخلاق، لتهذيب النفس البشرية والارتقاء بها وبالقيم النبيلة لنشر المحبة بين الناس والتسامح والإحسان والتعاون على البر والتقوى، حيث يقول سبحانه: (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا «٩») (الإسراء).

أما الخطاب الديني، فقد اعتمد على روايات ليس لها سند أو دليل من المنطق، تتناقض مع آيات الله، تتخذ من خطاب الكراهية والتكفيرمنهجا ضد من لا يتبع منهجهم، ويحرّضون على قتل الأبرياء، ويصادرون حقَّ الإنسان في اختيار عقيدته، ويُشعلون الفتن في المجتمعات المسالمة، ويستبيحون كل ما تطال أيديهم من أموال وثروات واستحلال حقوق الناس، ويدفعون الشباب لتفجير أنفسهم مُقنعيهم بوعود ضالة وكاذبة بالجنة، وما فيها من حور عين وقصور، ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، وهم أعداء للحضارة وضد التطور، يسعون للتدمير، أعداء الحياة وأعداء لشرع الله في كل ما أمر به الله  من عمل الصالحات والمعروف، واستباق الخيرات ونشر السلام لبني البشر جميعًا.

لقد أسس الخطاب الديني، الذي اعتمد على الروايات، لظهور مرجعيات دينية متعددة ومتناقضة، خلقت طوائف عديدة في المجتمعات الإسلامية، كل طائفة تعصبت لمرجعيتها، فتفرّق المسلمون في المجتمع الواحد، وتسبب ذلك في صراع فكري تصادمي، تحوّل بعد ذلك إلى اقتتال بين المسلمين في المجتمع الواحد.

لقد بعث الله سُبحانهُ وتعالى مُحمَدًا ﷺ، ليحمل للناس كافة كتابًا مباركًا ، ليُخرجهم من الظُّلماتِ إلى النور، وليهديهم طريق الخير والصلاح، إذ يقولُ سُبحانهُ وتعالى لنبيه محمَدٍ ﷺ:(كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ «٢٩») (ص).

وقوله سبحانه وتعالى: (الٓمٓصٓ «١» كِتَبُ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذَكَرَى لِلْمُؤْمِنِينَ «٢» اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ) (الأعراف ١- ٣).

وقوله سبحانه وتعالى : (الٓمٓ «١» ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ «٢» الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ «٣» وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ «٤» أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «٥») (البقرة: ١ – ٥ ).

وقوله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ «٦٧») (المائدة).

إنه أمرٌ من اللهِ جلَّ وعلا لرسوله، بأن يُبلّغ الناس جميعًا آياته ويتدبروا ما فيها من عِبر وتعاليم وقيم وتشريعاتٍ، تُنظم العلاقات الاجتماعية بين الناس على أساس التعاون والمحبة والعدل لبناء مجتمعات الأمن والسلام.

تعيشُ في وئام وتسعى للخير، تتحد لدفع الضّرر، وتتبعُ الله فيما أمر، تنفيذًا لأمرهِ تَعَالى في سورة المائدة (الآية الثانية)، حيثُ جَاءَ في سياقها:(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ «٢») (المائدة).

إنَّ رسالة الإسلام، التي بعث بها الله سُبحانَهُ وتَعَالى رسوله محمدًا -ﷺ- يحمِلُها في كتاب كريم، لِيَهْدِي الناس كافةً، سَبيل الخير والصلاح، وليُخرجهم من الظُّلماتِ إلى النور، فيُحرِرَهُم من استعباد البشرِ للبشر، واستعبادِ الأصنام لعقول الناس، والارتقاء بعقولهم نحو العلم والمعرفة، ليسبحوا بفكرهم في ملكوت الله، ويسخّروا ما يصلون إليه من استنتاجات تحقق لهم مراد الله من آياته، لتوظيفها لمنفعة الإنسان، وتسخيرها لما يحقق لهم عيشًا كريمًا في أمن واستقرار وسلام على أساس الرحمة والعدل.

وهكذا جَاءَ الخِطاب الإلهيُّ ليُحرِرَ الفِكر من الاستسلام للأُمَم السابقة، بإطلاقِ حُرية العقيدة وحرية التفكير، لتوظيفه في البَحثِ والاستنتاج والإبداع واستنباط العلوم في شتى مناحي الحياة من خلال التوجيهات الربانية في كتابه الكريم، حينما ذكر الله في كتابه الذين اتخذوا من سبقهم حجةً للالتزام بما تم نقله عن السابقين بقوله تعالى:( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ «٢٢») (الزخرف).

والله سبحانه يُريد ألا تكون اجتهادات السابقين قيدا على عقول الآخرين، ومانعًا لهم من التدبر في آيات الله، ومعرفة مقاصدها لخير الإنسانية، لتصحيح فهم رسالة الإسلام مما شابها من غبار التراث وتشويه غاياتها لهداية الإنسان، وإرشاده لسبل الخير والسلام.

ولتحقيق تلك الغاية النبيلة، وضع الله سبحانه في خطابه الإلهي -القرآن الكريم- القواعد التي تُحدّد خارطة الطريق للإنسان في حياته الدنيا، وتعينه على أداء واجبات العبادة دون تناقض بين متطلبات الحياة الدنيا والتكليف الإلهي بعبادة الواحد الأحد، وأداء التكاليف الدينية من صلاة وصيام وزكاة وحج، تأكيداً لقوله سبحانه وتعالى:(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ «٧٧») (القصص).

إنَّ المولى -عز وجل- جَعلَ الناسَ شعوبًا مختلفة وقبائل متعددة، لا ميزة لإحداها على الأخرى، حيث يتطلب هذا التعدّد والاختلاف في الأَعرافِ البشرية، التعارفَ بينهم وتعلّم لغة كلٌّ منهم، ليتعاونوا فيما يُحقق لهم الخير والأمان والتقارب، من خلال التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي والصناعي والزيارات السياحية والاستطلاعية، للتعرّف على ثقافات الشعوب وتبادل العلوم والمعرفة الإنسانية لجميع خلقه، ليحقق لهم التعاون على البر والتقوى.

 وهو وحدَه سُبحانَهُ من يحكم على أعمالهمـ ويُميّزُ من يعمل صالحًا أو طالحًا ، فلا ميزة لأي إنسان على آخر، إلا بما يقدمه من عمل صالح لنفسه، ولمجتمعه، والتزام بما جاءت به آيات القرآن الكريم من تعاليم وتشريعات وأخلاقيات وعِبَر وعظات، ويحدد سبحانه القاعدة الإلهية التي سَيُحاسب عليها الناس في قوله تعالى:(يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ«٦» فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ «٧»ومَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شرا يَرَهُ «٨») (الزلزلة: ٦ – ۸).

فالحكم يوم القيامة لله وحده، حيث يقول سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ «١٧») (الحج ).

فلا حَصانة لأحدٍ عند الله يوم الحساب، إلا مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالّتزم بتكاليف العبادات والمعاملات والعمل الصالح، واتبع ما أنزله الله على رسوله في كتاب مبين.

وما كانت رسالات السماء للناس منذ أن خلق الله السماوات والأرض إلا دعوة لبنى البشر لتوظيف العقل، في التدبر في آياته وتعليماته التي تأمر الناس باستكشاف المعارف والعلوم والأسرار الكامنة في جوف الطبيعة، وما يخبئه الكون من نظام يستفيد بمعرفته الإنسان لمنفعته، وليتسنى للبشر استنباط قوانين الحياة التي أودعها الله حول الإنسان حيثما كان، ليقوم بنو الإنسان على عمارة الأرض، على أساس من العدل والسلام والرحمة والتعارف والتودد فيما بين الناس بعضهم البعض، تأكيداً لقوله سبحانه وتعالى ):يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا«١٣») (الحجرات).

إنَّ هذا الكتاب إنما هو دعوة للمثقفين والمفكرين وعلماء الأمة المنوط بهم إخراج الأمة من مأزقها، لتصويب المفاهيم في الخطاب الديني وما تسبب فيه لرسالة الإسلام من تشويه وتزوير وعبث في تفاسير القرآن، وتوظيفها في خدمة المصالح الدنيوية سياسية أو مادية أو مؤامرات لطمس قيم الرحمة والعدل والحرية والسلام خطط لها ألد أعداء الإسلام وهم اليهود، وتلقاها بعضُ المنتفعين الذين تبنوا مرويات الإسرائيليات والروايات التي ضخوها في مرجعية الإسلام نُسِبَت زوراً وبهتانا للرسول -ﷺ- لتشويه رسالة الإسلام ليتحقق لهم صرف الناس عن دين الإسلام والتصديق بالمنقول وإقناع غالبية المسلمين بها، حين رفعوا أصحاب الروايات إلى درجة التقديس، وأحاطوهم بسور من المحرّمات في نقدهم أو أي محاولة لتقييم رواياتهم، حتى وصلت تلك القناعات إلى أن الروايات أهم من الآيات بل تَعْلُو على كلام الله سبحانه، علمًا بأن تقديسهم لقيم تراث الأولين واجتهاداتهم وأحاديثهم وما تم توريثه للناس من روايات وإسرائيليات وأساطير ليست من الإسلام في شيء، ولا تلزم المسلمين اتباعها، ولا تتفق مع ما أنزله الله على رسوله الأمين من آيات في القرآن الكريم الذي أنزله الله للناس هداية للعالمين وليخرجهم من الظلمات إلى النور لينشر الرحمة والعدل والسلام بين الناس.

فهي وقفة إذن ومسؤولية أمام الله اتساقًا مع قوله سبحانه وتعالى:(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۙ أُولَٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ «١٧٤») (البقرة).

وتحذير لكل من قرأ القرآن وعَلِمَ مقاصد آياته لمنفعة البشرية، وكتَم معرفته بها ولم يُعلنها على الناس، ولم يوضح دعوة الحق، فكأنما خان الله ورسوله وكتم ما علمه الله من آياته.

ولا تنحصر مسؤولية تصويب الخطاب الديني في طائفة أو مذهب أو فرقة أو جماعة، فكل المسلمين يجمعهم كتاب واحد ورسول واحد يدعوهم باسم الله العظيم للتعاون، والبحث الجاد المتجرد للتدبر في كتابه الكريم، وصولا لمفهوم موحدٍ تلتئِمُ عليه الأمة، والوقوف على مقاصد ما عنته وبينّته آيات القرآن من قيم الرحمة والعدل والحرية والسلام والتسامح، ونشر المحبة والتعاون بين الناس، وعدم الاعتداء على حياة الناس وعلى حقوقهم، وتحريم الظُلم بين بني الإنسان، ليتحقق لهم الأمان والاستقرار، وتتنزل عليهم رحمة الله وبركاته ، ويرزقهم من حيث لا يحتسبون.

من أجل ذلك، يجب أن يتم تجنيب الروايات وما ساقه الأقدمون من تفسيرات وتشريعات وروايات وأحكام أفتريت على الله ورسوله بالكذب والتزوير، ليصبح القرآن وحده مرجعية وحيدة لرسالة الإسلام، كما قال سبحانه:(الٓمٓصٓ«١» كِتَٰبٌ أُنزِلَ إِلَيۡكَ فَلَا يَكُن فِي صَدۡرِكَ حَرَجٞ مِّنۡهُ لِتُنذِرَ بِهِۦ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ «٢»ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ وَلَا تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَۗ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ«٣» ) (الأعراف: ۱ – ۳)

على أن يتولى المفكرون والمثقفون والعلماء، في مختلف مجالات الحياة، وفي قناعتهم وعي تام ويقين ثابت بأنه لا مرجعية للدين الإسلامي سوى مرجعية واحدة، ألا وهي كتاب الله الذي أنزله على رسوله- محمد – والذي أمره سبحانه بإبلاغه للناس كافة.. قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ«٦٧») (المائدة ).

وقوله تعالى:(نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ«٤٥») (ق).

يحدد اللَّهُ سبحانه في التكليف الإلهي لرسوله في الآية السابقة، منحصرًا في التذكير بالقرآن فقط وتعريفه للناس، مقاصد آياته وما فيها من قواعد تشريعية تحقق العدل وتهدي الناس إلى طريق الخير والصلاح والحياة الآمنة.

فلا طغيان ولا بغي ولا عدوان بل رحمة وتعاون وأمان، لا بؤس فيها ولا شقاء ولا خوف يتحقق لهم التكافل الاجتماعي، حتى لا يظل سائل يندب حظه، ولا مسكين فقد دربه، ولا فقير يبحث عن قوته.

فالقرآن ولا كتاب غَيرَه – هو رسالة الله سبحانه للناس أجمعين، الذي تضمنت آياته الرحمة والعدل والحرية والسلام والعيش الكريم لبني الإنسان. لقد امتثل نبينا -ﷺ- للتكليف الإلهى وبلغ الرسالة، وأدى الأمانة..

فلتتضافر جهودنا جميعًا من أجل رفع الظلم الذي وقع على كتاب الله حين طغت الروايات على الآيات، وَلْيَعْلُو صوت الحق وكلمات الله جَليَّة مُجَلْجَلَة في السماء، تتردد آياته في الأرض حتى قيام الساعة، ألا نتخذ من دون القرآن مرجعية، أو أن تزاحمه روايات أو اجتهادات بشرية فتنتقص من عليائه الذي علا كل الأشياء حكمة وبيانًا ونورًا.

Leave A Reply

Your email address will not be published.