الطريق المستقيم لتصويب الخطاب السقيم… الحلقة الخامسة والثلاثون من الجزء الثاني من كتاب ومضات علي الطريق للمفكر العربي علي محمد الشرفاء
أعزاءنا القراء من جديد نواصل معكم نشر الجزء الثاني من كتاب ومضات علي الطريق، وهو عبارة عن مقترحات لتصويب الخطاب الإسلامي للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، وجاءت الحلقة الخامسة والثلاثون بعنوان “الطريق المستقيم لتصويب الخطاب السقيم”.. يكشف من خلالها المؤلف كيف تم تشويه الخطاب الديني من قِبَل المتآمرين على العرب وعلى رسالة الإسلام، بواسطة اليهود والمجوس من خلال الروايات المكذوبة على رسول الله، وتوظيفها في خدمة أهدافهم من أجل إثارة الفتنة وخلق الصراع والاقتتال بين العرب لاستنزاف قواهم وقدراتهم للسيطرة على أوطانهم وسرقة ثرواتهم، مشيرا إلى ضرورة العودة لرسالة الإسلام، وهي القرآن الكريم والتخلي عن كل ما عداه من اجتهادات وتفسيرات مُغرضة وروايات حاقدة على الدين الإسلامي وإلي نص ما قال وكتب المؤلف.
الطريق المستقيم لتصويب الخطاب السقيم
لا توجد وسيلة لتصويب الخطاب الديني الذي تم تشويهه من قِبَل المتآمرين على العرب وعلى رسالة الإسلام، بواسطة اليهود والمجوس من خلال الروايات المكذوبة على رسول الله، وتوظيفها في خدمة أهدافهم من أجل إثارة الفتنة وخلق الصراع والاقتتال بين العرب لاستنزاف قواهم وقدراتهم للسيطرة على أوطانهم وسرقة ثرواتهم.
وقد استغلت أجهزة المخابرات في القرن العشرين والقرن الحالي توظيف تلك الروايات، في خلق حالة من العداء بين العرب وغيرهم من المسلمين أصحاب المذاهب المختلفة، لخدمة أهدافهم ولابتزازهم جميعًا في صراع قد يأكل الأخضر واليابس.
وما يحدث في سوريا والعراق واليمن والصومال وليبيا من عمليات تدمير مُمنهجة، وظفوا بها المتطرفين والإرهابيين الذين احتضنتهم أجهزة المخابرات واستغلت الروايات المنسوبة للرسول، وخلقوا منهم طوائف تحارب المسلمين باسم الإسلام، يفجرون الأبرياء في كل مكان باسم الجهاد، مما خلق حالة من الكراهية ضد دين الإسلام ورسالته التي أنزلها الله على رسوله تدعو للرحمة والعدل وتحريم قتل النفس البريئة وتحقيق السلام في المجتمعات الإنسانية.
لقد تسببوا في تهجير الملايين من العرب من أوطانهم إلى أوروبا. فمنهم من غرق في البحر، ومنهم من مات جوعًا، ومنهم من تحول إلى سائل يبحث عن الماء والغذاء، ويتسكعون على الأبواب في الدول الغربية.
وللخروج من هذا المأزق لا بد من العودة لرسالة الإسلام، وهي القرآن الكريم والتخلي عن كل ما عداه من اجتهادات وتفسيرات مُغرضة وروايات حاقدة على الدين الإسلامي، وما يحتويه من أخلاق وقيم نبيلة ترتقي بسلوك الإنسان القويم، ليقود الحضارة الإنسانية نحو التقدم والازدهار ويحقق الأمن والاستقرار في كل المجتمعات المحبة للسلام.
أليست (داعش) والإخوان والتكفير والهجرة ينفذون المخطط التآمري ضدّ رسالة الإسلام وضد العرب ليتحقق في النهاية الحلم الإسرائيلي لقيام دولتهم المزعومة، لتحكم منطقة الشرق الأوسط وتسيطر على الثروة البترولية لصالح الغرب وأمريكا.
بينما العرب مشغولون بأنفسهم يقتلون بعضهم بعضًا، وتعبث أجهزة المخابرات بقيمهم ودينهم حتى يفرغوهم من كل عناصر القوة، ومنها الإيمان برسالة الإسلام عندها تسهل السيطرة عليهم ليتم إبادتهم أو استعبادهم.
سلامٌ على أمة العرب ضاعت وتاهت بين العادات التي طغت على العبادات، وبين الروايات التي طغت على الآيات، ومثال على ذلك:
رواية البخاري رقم (24) : حدثنا ابن عمر أنَّ رسول الله (ﷺ) قال: (أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاةَ فإذا فعلوا عَصَمُوا منّي دماءهم وأموالهم وحسابهم على اللَّهِ).
وفي رواية ثانية للبخاري رقم (973) عن أنس بن مالك قال: قال رسولُ الله (ﷺ)، (أُمرت أن أقاتل الناسَ حتى يقولوا لا إلهَ إلاّ الله فإذا قالوها وصَلّوا صلاتنا وذَبحوا ذبيحتَنا فقدْ حُرِّمت علينا دماؤهم وأموالهم إلّا بحقّها وحسابهم على الله).
روايتان للبخاري محض افتراء على الرسول الكريم وكيف يمكن أن تستقيم الروايتان مع قول الله سبحانه وتعالى: )وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ «٩٩») (يونس).
وقوله سبحانه وتعالى: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ «١٢٥») (النحل).
وقوله تعالى:(لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «٢٥٦») (البقرة).
تلك الآيات المذكورة أعلاه، تدل بكل وضوح على أنَّ الله -سبحانه وتعالى- أعطى الحرية المطلقة للناس في اختيار العقيدة التي يشاؤون، فلا وصاية عليهم من رسول أو نبي أو حاكم أو مرجع ديني، فالله وحده كفيل بعباده وحسابهم معه يوم القيامة وكلّف رسوله (ﷺ) بإبلاغ رسالة الإسلام للناس جميعًا.
وقد حذرهم الله سبحانه بقوله: (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ «٦٩») (يونس).
وهكذا نرى أعداء الإسلام اختلقوا روايات وافتروا على رسول الله كذبًا وزورًا وعدوانًا، فكيف نجعل كُتُبهم مرجعًا لدين الإسلام دين السلام والحرية والرحمة والعدل.
ومن أجل تطهير رسالة الإسلام مما أصابها من تشويه وتلويث، علينا الاستغناء بالكامل عن كافة كُتُب التراث المسمومة التي تدعو للقتل والفتنة والإقصاء، وخلق الفتن بين الناس والتعالي على البشر، باعتبار أصحابها أنفسهم هم وحدهم الموكلون عن الله في تفسير آياته وشرح أحكامه بما يتفق مع مصالحهم وهم في خدمة السلطان في كل وقت وكل مكان.
ومن أجل تصحيح المفاهيم الدينية نوصي بتشكيل لجنة من كبار المفكرين والعلماء في مختلف قطاعات الحياة لاستنباط القوانين من القرآن الكريم، والأحكام المتعلقة بالعلاقات الاجتماعية وضوابط التعامل بين الناس وتصويب المفاهيم المغلوطة التي خلقت التباسًا في العبادات والمعاملات.
قال تعالى: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ «٣٨») (الأنعام).
إن الله يخاطب رسوله بقوله: (كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ «٢» اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ «٣») (الأعراف: ۲- ۳).
وقوله تعالى: (نَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا «٥٨») (النساء).
أين العدل الذي جاءت به الروايات؟. فمثلا رواية في صحيح مسلم رقم 4981:
حدثنا محمد بن عمر عن أبي ردة عن أبيه عن النبي ﷺ قال: (يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال فيغفرها الله ويضعها على اليهود والنصارى).
أليس ذلك طعنا في عدل الله المطلق والإساءة إلى رسوله بالتقول عليه كذبًا وافتراءً عليه، ومثل هذه الافتراءات كثيرة والتي أصبحت مناهج علمية في المعاهد الدينية مما يُشكل عقل الطلبة بحيث يكون مبنيا على الكراهية والتميّز عن باقي عباد الله وأنهم هم وحدهم يملكون الحقيقة. ولذلك على مدى أربعة عشر قرنًا تم غسل عقول المسلمين بتلك الروايات المسمومة، بينما يريد الله لعباده ألا يتبعوا غير رسول الله فيما أنزله الله عليه في الكتاب المبين ولا شيء غيره.
فالطريق إلى الحق واضح والأمر الإلهي للناس باتباع المنهج الإلهي لا شك فيه. فماذا ينتظر أصحاب القرار بعد ما أدركوا أنَّ رسالة الإسلام في خطر، وأنَّ شيوخ الدين قد تمكنت منهم الروايات وأحكمت أنيابها في عقولهم.
فكيف يمكن أن يتحرروا منها بعد أن تربوا عليها سنيئًا طويلة وقدّسوا أصحابها وجعلوهم أولياء، يقربونهم للجنة ويُسفِهون لهم يوم الحساب، قال تعالى: (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ «٨٨» إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ «٨٩») (الشعراء: ۸۸ – ۸۹)، (يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا ۖ وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ «١٩»)(الانفطار).
وقال تعالى: (الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ «١٧») (غافر).
وقد وضع الله -سبحانه- قاعدة العدل المطلق لكل خلقه بمختلف دياناتهم بقوله سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ «١٧») (الحج).
والسلام على من اتبع كتابه وآمن بما أُنزل على رسوله وأطاع الله في عبادته ومعاملاته وسلوكه.