تصويب الخطاب الإسلامي(5)..الحلقة السادسة من كتاب ومضات علي الطريق ( المسلمون بين الآيات والروايات) للمفكر العربي علي محمد الشرفاء

0

أعزاءنا القراء من جديد نواصل معكم نشر الجزء الثالث من كتاب ومضات علي الطريق،(المسلمون بين الآيات والروايات) للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، وفي هذه الحلقة نستعرض معكم مقالة عن تصويب الخطاب الإسلامي (5) وسنوالي معكم النشر ،ضمن سلسلة من الحلقات.

وفي حلقة اليوم يتحدث المؤلف عن كيف استغل الشياطين والمجرمون، واستطاعوا أن يغرروا بالناس ويخدعونهم فيما يقدمونه لهم باعتماد آيات القتال التي وردت في سورة التوبة، قاعدة أزلية وكأنها أمر الله للمسلمين أن يفرضوا الإسلام بالقوة. ليظل المسلمون في قتال دائم مع الناس، معتقدين ذلك التشريع المؤقت وما اقتضته ضرورة المواجهة مع أعداء الدعوة وأصحاب الباطل فى مرحلة اقتضتها ضرورات الدفاع عن النفس، وقد انتهى مفعول تلك التشريعات بتشريعات أخرى أنزلها الله على رسوله لمرحلة جديد للدعوة الإسلامية، ولكن ذوي الأهداف الخبيثة التي تسعى لتشويه رسالة الإسلام رسالة الرحمة بخداع المسلمين،؛ حيث أقنعوا المتطرفين والإرهابيين بعقيدة ضالة وفاسدة، ومع تأصل ذلك الفهم الوهمي وتجذره في قلوبهم واقتناع العقول المريضة والبائسة اليائسة من الحياة، به وجدوا البديل فى الوهم الذي تم تغذيته لعقولهم من علماء السوء ملجاً ومخرجاً لتحقيق خيال مزعوم تمكن في نفوس شقية ساقها الشيطان للشر والإجرام. لشوهوا رساله هذا الدين التي تنطوي علي الخير والرحمة والعدل وإلي نص ما قال وكتب المؤلف.

تصويب الخطاب الإسلامي(5)..

ولذلك كان الخطاب الإلهي في دعوته للناس واضحًا ومحذرًا من اتباع كتب غير كتابه الذي أنزله على رسوله الكريم في قوله سبحانه: (كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الأعراف: ۲)، تكليف الرسول عليه السلام بتبليغ كتاب الله الكريم للناس جميعاً ويسيرون على هديه يضئ لهم طريق الحياة أمنا وسلاما ورحمة وعدلا ليعملوا الصالحات وليجزيهم يوم القيامة جنة النعيم ، وقوله سبحانه يخاطب عباده جميعا: (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) (الأعراف: ٣)،

ثم يؤكد الله أمره لرسوله بشأن القرآن الكريم (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ«٤٣» وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ«٤٤»)(الزخرف: ٤٣-٤٤).

فالله يأمر رسوله عليه السلام بالتمسك بكتابه المبين، وليبلغ الناس بأنه ذكر، لهم أيضا، وسوف يسألون عنه يوم القيامة، فمن اتبعه والتزم بعبادة الله الواحد الأحد وأدى فرائض العبادات، وطبق تشريعاته وابتعد عن محرماته وتعامل مع الناس بالحسنى ، فجزاؤه مغفرة ورحمة وجنة النعيم

 وأما من هجر القرآن واتبع الفقهاء وأصحاب الروايات وأغواه الشيطان فعقابه نار جهنم وبئس المصير، وقد وصف سبحانه القرآن العظيم بقوله: (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) (الاسراء: ٩)، ثم يأمر رسوله بتذكير الناس بقرآنه بقوله سبحانه: (نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ) (ق:٤٥).

وهذه الآية تحدد مسار الدعوة بكل وضوح بأن تكون الدعوة للقرآن وبالقرآن ويحذرهم بآياته ويذكرهم بتشريعاته وعظاته وأخلاقياته في العلاقات الإنسانيه، كما نبه الله سبحانه عباده ما ذكرته الآية الكريمة أعلاه رقم (۳) من سورة الأعراف بعدم اتباع كتب غير كتاب الله الذي سييخرجهم من الظلمات إلى النور، بل باتباع ما أنزله الله على رسوله -عليه السلام- في قرآن مبين.

وفي هذا نهي صريح للمسلمين بعدم اتباع كتب غير قرآنه، حتى لا تتفرق بهم السبل ويحدث بينهم الخلاف ، ويصدهم الهوى والمصالح الدنيوية عن اتباع آيات الله التي تهديهم الى طريق الحق والسلام، بدلا من اتباع كتب مشبوهة وأحاديث موضوعة وتحريف مقصود، وتشويه لدين الله متعمد لعزل القرآن عن اتباع الناس له يهديهم الى طريق الخير والرحمة والسلام، حيث يأمر الله سبحانه رسوله بقوله: (وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (الأنعام:١٥٣)، وقال سبحانه وتعالى تأكيداً على الالتزام بالاعتصام بكتابه بقوله: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) (آل عمران: ١٠٣).

لقد اعتمدت مذاهب المسلمين على روايات وإسرائليات وأحاديث مكذوبة و محرفة اتخذوها مرجعية لرسالة الإسلام وأطلقوا عليها الأحاديث، والله سبحانه يستنكرها بقوله مخاطباً رسوله الكريم: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) (الجاثية: ٦)

وحينما ابتعدوا عن كتاب الله واتبع أهل مذاهب السنة والجماعة كتب الصحاح وكتب الفقهاء الأربعة، تفرقت بهم السبل وانتشرت بينهم الفتن وحلّ الخلاف والتناقض في فتاويهم بدلا من الاحتكام إلى كتاب الله وتشريعاته الذي يأمرهم الله بقوله سبحانه: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) (آل عمران: ١٠٣). إضافة الى كتب مذاهب الشيعة وتناقضاتها مع المذاهب السنية، فعصوا أمر الله فأذاقهم التشتت والصراع والتناحر، وتسبب للمسلمين في قتل بعضهم البعض بالرغم من التحذير الإلهي بقوله سبحانه:(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال: ٤٦).

وكلما اقترن الأمر الإلهي بطاعة الله والرسول فى الذكر الحكيم إنما يعني اتباع ما يبلغ الناس به من ايات الذكر الحكيم، وما أنزله عليه سبحانه في قرآن مجيد لأنه عليه السلام مأمور بأن ينفذ ما يتنزل عليه من الآيات من تكليف الهداية الناس الى طريق الحق، وأعمال الصالحات في الحياة الدنيا لينالوا رضى الله ليدخلهم جنات النعيم يوم الحساب.

وحين يخاطب الله رسوله بقوله: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (المائدة:٦٧)

فيعرض لنا القرآن الكريم وكأنما الرسول يجيب الله بأنه بلغ رسالته ونفذ ما أمره به بقوله سبحانه: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) (الفرقان: ٣٠).

أليست هذه الآية إدانة للمسلمين من رسولهم الكريم بأنهم هجروا القرآن واتبعوا ما رواه الشيطان وأتباعه فضلوا الطريق ونسوا الله فأنساهم أنفسهم، ليجيبه الله سبحانه بقوله: (بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ) (الزخرف:٢٢) وقوله سبحانه محذرا رسوله الكريم:(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (الانعام: ١٥٩ ).

وهذه الآية تؤكد تفرق المسلمين إلى شيع وطوائف وفرق، لأنهم تركوا القرآن وهجروه، وتبرأ الرسول من التقصير في تبليغ الناس بخطاب الله لهم. فقد أدى الامانة، ونصح الأمة وأكمل مهمته عليه السلام وبلغ المسلمين في حجة الوداع بقول الله سبحانه: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)(المائدة:٣).

وفي تلك اللحظة وبعد ذلك البيان الإلهي فقد اكتملت رسالة الله للناس، ولم يعد بعد ذلك قول يضاف إلى كلمات الله التى ستظل مشرقة وشامخة تضئ دروب الانسان في ظلمات الحياة حتى قيام الساعة تأكيداً لقوله سبحانه:(وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) (الأنعام: ٣٨).

والله ينصح عباده كي لا يفرطوا في دينهم، وليتمسكوا بمنهج القرآن الذى يغنيهم عن أقوال البشر، وما نسبوه للرسول عليه السلام من أقوال وأكاذيب، يحرفون به کلام الله ورسوله حيث يصف الله سبحانه الذين كتبوا الروايات ونقلوها للناس ليضلوهم عن هدى الله في قوله سبحانه:(اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (المجادلة: ١٩)

 ومن رحمة الله بعباده يذكرهم بما حدث لأبويهم عند خلق آدم لما عصوا أمره واتبعوا الشيطان فغضب الله عليهم وفتح لهم باب المغفرة والتوبة وبين لهما المنهج الإلهي بقوله سبحانه: (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ«١٢٣» وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ«١٢٤» قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا«١٢٥» قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ«١٢٦») (طه: ١٢٣-١٢٦).

فليختار كل إنسان على مسئوليته الطريق الذي سيحاسب على أساسه يوم القيامة يومها (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ«٨٨» إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ«٨٩») (الشعراء: ٨٨-٨٩).

Leave A Reply

Your email address will not be published.