التكافل الاجتماعي في نور التشريع الإلهي فريضة لا فضل.. بقلم المفكر العربي علي محمد الشرفاء

0

في عالم يزداد فيه التفاوت بين الأغنياء والفقراء ويشتد فيه الجشع على حساب المحتاجين تبرز حاجة الإنسانية إلى نظام رباني يعيد التوازن ويحقق العدالة الاجتماعية هذا النظام قد بيّنه الله سبحانه في أوائل سورة البقرة حين وصف أهل الإيمان الحقيقي بقوله تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (البقرة 3: 5)

هؤلاء هم المؤمنون الصادقون الذين جمعوا بين الإيمان بالغيب وإقامة الصلاة والإنفاق مما رزقهم الله فهم لا يرون المال ملكاً خالصاً لهم بل أمانة يُختبرون فيها ووسيلة لنشر الخير وإحياء القلوب.

ولم يكن الإنفاق في الإسلام مجرّد صدقة تطوعية بل هو حق واجب للفقراء كما قال تعالى: (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (الذاريات: 19)

بل جعل الله الإنفاق طريقاً للنجاة من الهلاك الاجتماعي والأخلاقي فقال تعالى: (وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة: 195)

والتهلكة هنا ليست فقط في فقر الفقراء بل في قسوة قلوب الأغنياء وفي تفكك المجتمع ونشوء الحقد والطبقية والكراهية وقد قرر الإسلام قاعدة عظيمة في بناء المجتمع وهي التكافل أن يعطي الغني حق الفقير لا مِنّة ولا تفضّلاً بل أداءً لواجب شرعه الله.

إن تخصيص الخُمس من الأرباح أي 20% كحد أدنى للإنفاق في سبيل الله ومساعدة الفقراء يمكن أن يكون خطوة عملية نحو مجتمع أكثر عدلاً وأكثر استقراراً فهذا ليس مجرد تبرع  لكنه تنفيذ لأمر الله وحماية للمال نفسه من الفساد والضياع.

ولنتأمل كيف ربط الله بين الإنفاق والنجاة بقوله سبحانه: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) (آل عمران: 92)

إذًا الإنفاق الحقيقي هو ما يكون عن طيب نفس وبإخلاص لا رياء فيه ولا أذى كما قال الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ..) (البقرة: 264)

إن إحياء مبدأ التكافل ليس خيارًا بل فريضة شرعية وضرورة حضارية وإنقاذ للبشرية من الجشع الذي يدمر الأفراد والمجتمعات.

فلنتوكل على الله ونأخذ بنور تشريعه ونجعل من أموالنا جسراً يصل بين النعمة والشكر، وبين الغنى والرحمة لنبني مجتمعاً متماسكاً يرضي الله وينشر الخير ويصون الكرامة الإنسانية.

Leave A Reply

Your email address will not be published.