«أيادٍ خفية تحارب العرب المسلمين»..الحلقة السابعة والعشرون من الجزء الثاني من كتاب ومضات علي الطريق للمفكر العربي علي محمد الشرفاء

0

أعزاءنا القراء.. من جديد نواصل معكم نشر الجزء الثاني من كتاب ومضات علي الطريق، وهو عبارة عن مقترحات لتصويب الخطاب الإسلامي للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، الحلقة السابعة والعشرون بعنوان “أياد خفية تحارب العرب المسلمين” يتحدث فيه المؤلف عن أياد تبدو ظاهرة لكل ذي عينين استطاعت بكل ما تملك من قوة وإمكانيات محاربة العرب والمسلمين في أغلى ما يملكون، حيث استطاعوا دس أحاديث مكذوبة علي رسول الله وروايات تتصادم مع كتاب الله ونجحوا في ملء العقول بالإسرائيليات التي استطاعت أن تطغى على الآيات، وللأسف دونها علماء وفقهاء مسلمون وراحوا يروجون لها ، وأشار المؤلف إلى حجم المخطط اليهودي على الإسلام والمسلمين منذ البعثة النبوية  منوها الي كل ما ارتكبوه وما زالوا يرتكبونه ضد العرب والمسلمين حتى يومنا هذا وإلى نص ما كتب المؤلف.

«أيادٍ خفية تحارب العرب المسلمين»

أحيانًا ينجح الشيطان في التسلل إلى أذهاننا وعقولنا، عبر مؤامرة خبيثة، ليوسوس لنا ويبث سمومه في عقيدتنا الدينية، من خلال التشكيك في بعض الأوامر الإلهية، مستشهدًا بأحاديث تُنسَب للنبي الكريم (ﷺ)، وتفاسير منسوبة للصحابة، أو أقرها بعض أهل العلم وعلماء الدين في العقود السابقة، ونقع في حيرة شديدة، هل نصدق ما يتبادر لأذهاننا أم نرفضه؟وهل يمكن أن يكون هناك تعارض بين آيات القرآن الكريم بعضها بعضًا ، أو بين ما أمرنا به الله وما أبلغنا به الرسول (ﷺ)؟

بالطبع لا يمكن أن يتعارض الدين في بعض مناحيه مع المناحي الأخرى، أو يصطدم كلام الله مع كلام رسوله الكريم (ﷺ)، ولكن الحقيقة أنّنا قد سقطنا فريسة لخديعة كبرى من اليهود والمجوس، الذين تسللوا إلى عالمنا وفكرنا عبر مؤامرة حقيرة، ليبثوا سمومهم فيه وينتقموا من العرب الذين احتضنوا آخر رسل الله إلى بني آدم، بعد أنْ كانت الرسالات السماوية حِكرًا على بني إسرائيل.

وفي هذا السياق لا أستبعد على الإطلاق أنَّ وراء تشتيت الدعوة الإسلامية وخلق بلبلة فكرية للمسلمين، أيادٍ خفية، قامت باستحداث روايات مختلفةٍ ومُختلَقةٍ على لسان الصحابة، خلقت حالة من التناقضات والتجاذبات والاستقطاب الفكري، وأصبح لدى كل طائفة مرجعها الخاص، مما أدى إلى صراع فكري وجدلي ثم تحوّل إلى صراع مادي نتج عنه اقتتال المسلمين بعضهم البعض.

كانت تلك الأيادي الشريرة تُعِد خطتها الخبيثة، سواء كانوا من اليهود الذين لم يتخيلوا أنْ يختار الله رسولا من غير قومهم، بما يعتقدونه بأنَّ اختيار الأنبياء والرسل محصورٌ في بني إسرائيل، لأنهم شعب الله المختار كما يؤمنون ويدَّعون، أثار في نفوسهم حسدًا وغيرة لظهور نبي مُرسَل يحمل كتابًا إلهيًّا للناس كافة، من الذين يسمونهم بالأميين الذين ليسوا أهل كتاب كالمسيحيين واليهود ، حيث كانوا لا يقيمون لهم وزنًا واحترامًا ويتعاملون معهم معاملة دونية، خلقت لديهم حسرة وانتقامًا بأن يظهر نبي منهم.

وبعد ما اطلع علماؤهم على آيات القرآن الكريم التي تحدثت عن اليهود، استشعروا خطورة القرآن الكريم على مستقبلهم، مما سيؤدي إلى سقوط مكانتهم بين الشعوب وانحسار سطوتهم، والخطورة التي سيمثلها المسلمون إذا اتبعوا ما جاءت به الآيات من تشريعات للعلاقات الإنسانية.

وذلك في العبادات والمعاملات والحث على القيم النبيلة؛ من رحمة وعدل وسلام وتعاون ومساواة وتحريم الظلم وأكل أموال الناس بالباطل، مما سيعطل ما يسعون إليه من أطماع ، وأنانية في الإستيلاء على ثروات العالم والسيطرة على مقدرات الشعوب.

لذلك شرعوا يبحثون عن مختلف الوسائل لصَرْف المسلمين عن القرآن الكريم، الذي هو أساس رسالة محمد (ﷺ).

ولابد من كشف الوقائع والأحداث المختلفة، التي تكشف حجم المخطط اليهودي على الإسلام والمسلمين منذ البعثة النبوية وحتى يومنا هذا ، موضحًا في المقال السابق، أنَّ الأمة الإسلامية قد سقطت فريسة لتلك الخديعة الكبرى التي رسمها لنا اليهود والمجوس، الذين تسللوا إلى عالمنا وفكرنا ليبثوا سمومهم فيهما، وينتقموا من العرب الذين احتضنوا آخر رسل الله إلى بني آدم، بعد أن كانت الرسالات السماوية حِكرًا على بني إسرائيل.

كما دلّلت آيات القرآن الكريم على سوء النوايا عند بني إسرائيل، وشخصت النفس الإسرائيلية وفضحت مطامعهم اللا محدودة وارتكابهم لأبشع الجرائم لتحقيق مآربهم، بما في ذلك قتلهم لأنبيائهم واستيلائهم دون مبرر على حقوق الناس، وخشيتهم في حالة انتشار القرآن في العالم وقبول الناس الدخول في دين الله.

حينها سيكتشف الناس ما يشكله خطر الإسرائيليين على مصالحهم وسيطرتهم على اقتصاديات أوطانهم واحتكارهم النشاط المالي، ليجعلوا الناس سُخرة في خدمة مصالحهم مما قد يترتب على معرفة حقيقتهم وأهدافهم السيئة، أن تنبذهم المجتمعات الإنسانية ويتم عزلهم وحرمانهم مما يتطلعون إليه من قيادة العالم؛ حيث يعتبرونها حقوقًا مُكتسبة بزعمهم بالوعد الإلهي المُفترى على الله أنهم شعب الله المختار، ويعتبرون القرآن الكريم يحمل في آياته إدانة كاملة لجرائمهم في الماضي.

كما أنَّ الله -تعالى- يُحذِّر الناس في المستقبل من تطلعات الإسرائيليين لسلب حقوقهم والتحكم في مُقدرات الأوطان بالخديعة والنفاق والغدر‪.ولذلك بادر علماء اليهود في البحث عن مختلف الوسائل لإسكات صوت القرآن وإخفاء آياته، ووضعوا إستراتيجيات متعددة لمواجهة وثيقة الإدانة التي تضمنتها آيات القرآن الكريم، فبدأوا بمحاربة الرسول أثناء البعثة بتحريض قبائل قريش على اغتيال الرسول (ﷺ).

واستمروا بعد الهجرة للمدينة باستدراج المسلمين في معارك عديدة مع قبيلة ‪)بني قينقاع) وقبيلة ‪)بني النضير) ويهود (خيبر).

وبعد فشلهم جمَّعوا بعض القبائل العربية في موقعة الأحزاب وانهزموا شر هزيمة.

ولما باءت معاركهم بالفشل اتجهوا إلى الحرب النفسية بدس الروايات، ونشر الإشاعات المُسيئة للرسول والتي تخلق تناقُضًا مع دعوة القرآن والحث على الأخلاق والفضيلة والعدل والسلام.

ونسبوا الروايات إلى صحابة الرسول وأطلقوا مصطلح حديث نبوي)، لاستجداء المصداقية وإقناع الناس بأنها أقوال رسول الله، لتحتل مكانة من القُدسية تُنافس بها القرآن وتخلق حالة من الإلتباس عند المسلمين، لإلهائهم عن القرآن الكريم، وينشغلون في تلك الخدعة بـ (حديث صحيح ضعيف مرسل / مقبول / متواتر / حسن مردود قدسي / مقطوع / مرفوع…)، وقس على ذلك، حيث ظل المسلمون يدورون في حلقة مفرغة أربعة عشر قرنًا، ونسوا أنَّ القرآن هو أساس الرسالة الإسلامية.

بعد أن استعرضنا في مقال سابق أسباب المؤامرة اليهودية، فإننا قد ألحقنا ذلك بكشف بدايات تنفيذ اليهود للمؤامرة، وفي الأسطر التالية نستكمل ما يوضح تفاصيل الخديعة الكبرى التي رسمها لنا اليهود والمجوس، فقد نجح اليهود في ملء العقول بالإسرائيليات التي غيبت الفكر واستحكمت في الأفهام.

إلى درجة أنَّ الروايات استطاعت أن تطغى على الآيات، وسخَّر اليهود الأموال لطباعة كُتُب الحديث بالملايين ينشرونها حول العالم، كي يبرز ضوء القرآن ويكتشف الناس حقيقتهم، تأكيدًا لقوله تعالى:

(يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ «٨») (الصف).

لقد استكتبوا علماءهم وشجّعوا الناس على قراءة مؤلفاتهم، وسخّروا المال من أجل الدعاية لها ووضعوا للرواة مكانة المرجعية للإسلام ليكونوا المصدر الأساسي لاستنباط فقه العبادات والمعاملات.

وأضافت الروايات بُعدًا آخر في خلق الالتباس والبلبلة عند المسلمين حينما خلقت مصادر متعددة وكل مصدر له رواياته، فترتب على ذلك ظهور مرجعيات متعددة ومتناقضة أوجدت سوء الفهم وبالتالي حالة سوء التفاهم، ويلي ذلك التصادم الفكري والمادي لينشغل المسلمون أيضًا بادعاء كل طائفة بأنها الفرقة الناجية ويحدث النزاع بينهم ويتحول إلى صراع وقتال فيما بينهم كما يحدث اليوم.

مسلسل مستمر منذ أربعة عشر قرنًا والعدوّ يجني ما زرع ويستمر في استغلال الأرض ونهب الثروات، والقوم في غِيهم ونزاعاتهم مُنشغلون يؤدون خدمة جليلة لأعدائهم والمتربصين بهم بالرغم من تحذير الله لهم بقوله:

(وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ «٤٦») (الأنفال).

وأصبحت تلك الروايات أساسًا للخطاب الديني السني والشيعي وغيرهما من الطوائف والفِرق الأخرى، بعدما ضربت الفُرقة خنجرًا مسموما بين المسلمين، حين تولّدت حالة من العداوة الشرسة فيما بينهم ترتب عليها الصدام المُسلّح.

ظل المسلمون يقتتلون مع بعضهم، إضافةً إلى الصراع الفكري من جدال وتفلسف ومقارعات أضاعوا السنين فيما لا جدوى منه وأدت إلى هجر القرآن الكريم حيث نبأنا الله سبحانه منذ أربعة عشر قرنًا بقوله (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا «٣٠») (الفرقان).

وتحقق لليهود ما أرادوا ، عزّل القرآن عن حياة المسلمين واتباع المنهج الإلهي، وإنَّ الشواهد التي نعيشها اليوم تؤكد إدانة الآيات القرآنية لليهود وبني إسرائيل، وهو التحذير الإلهي الذي استبق المستقبل بالحكمة الإلهية حيث يؤكد ذلك قوله سبحانه وتعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ «٢٦»)(فصلت).

وكانت وسيلتهم في ذلك حشد الروايات الكاذبة والأساطير الإسرائيلية لتحل الروايات محل الآيات، ويقنعوهم بقدسيتها لأنها منسوبة للرسول منقولة عن عشرات القصاصين والمتكلمين ليصنعوا دينًا جديداً موازيًا لرسالة الإسلام، يتوه العرب المسلمون فيه وينصرفون عن رسالة الإسلام ليسهل اصطيادهم وإضعافهم ويحدث الخلاف بينهم، بسبب تعدد المرجعيات التي خَلَقت عشرات الطوائف المختلفة لدى السنة والشيعة، فعشَّشت تلك الروايات في العقول حتى أصبحت المرجع الرئيسي للتشريعات الإسلامية، وتسببت في انتشار الفِتَن بينهم والتحريض من أعدائهم على كل منهم، حتى يُبيد بعضهم بعضاً ويدمروا أوطانهم ويسهل استعمارهم واستغلال ثرواتهم كما يُعيد التاريخ نفسه اليوم.

ونحن نشاهد اليوم الإسرائيليين يحكمون العالم ويتحكمون في اقتصادياته وفي إعلامه يسيطرون من خلاله على العقول ويثيرون الحروب من أجل تعظيم قدراتهم المالية، ذلك السلاح الذي استطاعوا به التحكم في مقدرات الشعوب وخلق الثورات وإفساد الأخلاق فقد وصفهم الله بقوله سبحانه:

(انُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ «٧٩») (المائدة).

كما قال تعالى:

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّوا السَّبِيلَ «٤٤») (النساء).

وقوله تعالى:

(مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَٰكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا «٤٦») (النساء).

Leave A Reply

Your email address will not be published.