طابا في دائرة الضوء.. قصة مدينة عادت إلى مصر بالدماء والدبلوماسية
أصيب 6 مصريين بجروح طفيفة، يوم الجمعة الماضي، جراء سقوط طائرة مسيرة «مجهولة الهوية» حسبما أفاد العقيد غريب عبد الحافظ، المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية.
وأعاد هذا الحادث الذي تحقق فيه الجهات المعنية في مصر، مدينة طابا إلى دائرة الأضواء.
وتصدر اسم المدينة المصرية الواقعة في أقصى شرق البلاد، الكلمات الأكثر تداولا في محركات البحث، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي.
ولمدينة طابا المصرية، الواقعة في شرق شبه جزيرة سيناء وتحديدا عند رأس خليج العقبة، تاريخ طويل في مواجهة العدوان الخارجي. وتحولت في العصر الحديث إلى رمز لتمسك مصر بأراضيها، بعد أن استعادتها من إسرائيل بالحرب والدبلوماسية، ثم التحكيم الدولي.
في 1841 مُنِح محمد علي باشا وذريته حكم مصر، ونصت خريطة معتمدة من قبل الدولة العثمانية على أن تكون غالبية أراضي سيناء ضمن حدود الدولة المصرية، إلا أن الوضع تغير في 1892 عندما صدر فرمان عثماني بحرمان مصر من مساحات كبيرة من سيناء، وتحديدا الجانب الشرقي منها.
وفي تلك الأثناء تدخلت بريطانيا، التي كانت تحتل مصر، ورفضت الفرمان العثماني وأجبرت السلطان عبد الحميد الثاني على اعتماد الحدود المصرية على أن تبدأ من رفح شمالا.
وبعد 14 عاما، أي في 1906 حدثت أزمة أخرى حينما تقدمت قوات تركية إلى بقعة طابا، فحدثت أزمة كبيرة تدخلت على إثرها بريطانيا للمرة الثانية وأجبرت العثمانيين على الانسحاب، وبعدها تقرر بناء خط الحدود المصري بعلامات مرقمة. ومنذ ذلك الحين استقرت طابا كجزء من التراب الوطني المصري.
ويعود تاريخ طابا إلى عصور أقدم حين كانت ضمن المناطق التي يدافع عنها الجنود المصريون لمنع محاولات الغزو الخارجي، وهو ما تنبه إليه في عصور تالية، السلطان صلاح الدين الأيوبي، الذي بنى قلعته أمام طابا، لحماية مصر من أي عدوان.
استعادة طابا من إسرائيل
في العصر الحديث، تمكنت إسرائيل من احتلال شبه جزيرة سيناء بعد حرب 1967، ثم تمكن المصريون من تحرير غالبية أراضي سيناء بعد حرب العبور في 6 أكتوبر 1973.
وفي 1979 وقعت مصر وإسرائيل اتفاق كامب ديفيد للسلام، وبناء عليه بدأت إسرائيل انسحابها من سيناء، وفي أواخر عام 1981، سعى الجانب الإسرائيلي إلى افتعال أزمة تعرقل هذه المرحلة، وتمثل ذلك بإثارة مشكلات حول وضع علامات حدودية أهمها العلامة (91) في طابا. وفي تلك الأثناء اشترط الجانب المصري على الإسرائيليين ألا يتم بناء أي إنشاءات وألا تقوم تل أبيب بأي ممارسات في طابا تشير إلى أنها تحت السيادة الإسرائيلية.
لكن خلال شهور قليلة، ضربت إسرائيل بتلك الاتفاقات عرض الحائط وافتتحت فندقا وقرية سياحية وأدخلت قوات حرس الحدود كنوع من فرض السيادة على الأرض المحتلة. فجاء الرد المصري بالمقابل من خلال اللجنة القومية للدفاع عن طابا أو اللجنة القومية العليا لطابا، وبدأت الدبلوماسية المصرية بالسعي إلى «التحكيم» بين مصر وإسرائيل بخصوص طابا، ووقعت إسرائيل على «المشارطة» في سبتمبر/أيلول 1986، وتم إلزام الجانب الإسرائيلي بجدول زمني دقيق وحصر مهمة التحكيم في تثبيت العلامات الحدودية.
وفي 29 سبتمبر/أيلول 1988 تم الإعلان عن حكم هيئة التحكيم في جنيف بسويسرا في النزاع حول طابا، وجاء الحكم في صالح مصر، مؤكداً أن طابا مصرية، ليتم رفع العلم على طابا في 19 مارس/آذار 1989 في عهد الرئيس الراحل محمد حسني مبارك.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد احتفل في 2016 بالذكرى 27 لتحرير طابا، وكتب عبر فيسبوك منشورا قال فيه «نستلهم بكل التقدير والاعتزاز قوة الإرادة المصرية الصلبة، التي خاضت الحرب وقدمت التضحيات من أجل استرداد الأرض وإقامة السلام». لتتحول ذكرى استرداد طابا إلى رمز لتمسك المصريين بأراضيهم بالحرب والتحكيم الدولي.