رسالة مفتوحة لشيخ الأزهر ومفتي الجمهورية ووزير الأوقاف.. الحلقة الرابعة من الجزء الثاني من كتاب ومضات علي الطريق للمفكر العربي علي محمد الشرفاء
أعزائنا القراء من جديد نواصل معكم نشر الجزء الثاني من كتاب ومضات علي الطريق، وهو عبارة عن مقترحات لتصويب الخطاب الإسلامي للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، ونقدم لكم في الحلقة الرابعة من الكتاب رسالة مفتوحة بعث بها المؤلف إلي كل من فضيلة الإمام الأكبرأحمد الطيب- الموقر شيخ الأزهر الشريف فضيلة الدكتور شوقي إبراهيم علام- الموقر مفتي جمهورية مصر العربية معالي الأستاذ الدكتور محمد مختار جمعة- الموقر وزير الأوقاف المصري موضوعها إعلاء كلمة الله في الأرض، طارحا من خلالها مجموعة من الأسئلة والأفكار حول كتاب الله المبين، وما تضمنه من رؤى وأفكار شوهتها الروايات زورا وبهتانا، وأضافت إليه أمورا ما أنزل الله بها من سلطان، داعيا إلى تنقية التراث مما علق به من أفكار مغلوطة ومشوهة نسبت للإسلام ما ليس منه وإلى نص ما كتب المؤلف.
رسالة مفتوحة لكل من
فضيلة الإمام الأكبر / أحمد الطيب- الموقر
شيخ الأزهر الشريف
فضيلة الدكتور شوقي إبراهيم علام- الموقر
مفتي جمهورية مصر العربية
معالي الأستاذ الدكتور محمد مختار جمعة- الموقر
وزير الأوقاف المصري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموضوع : إعلاء كلمة الله في الأرض
لقد سَلَّمتُ لفضيلة الدكتور/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رسالة بتاريخ : 20/6/2010 -أي منذ تسع سنوات- بشأن إنشاء مرجعية للدعوة الإسلامية، يتولى الأزهر تشكيل لجنة من كبار العلماء والمفكرين لإعداد مشروع وثيقة بعنوان: الإسلام) رحمة وعدل وسلام)، لتصويب الخطاب الديني الذي اتخذ الروايات مصدرًا لتسويق الإسلام للناس، حيث تسبب ذلك في إعطاء صورة مشوهة عن الإسلام بما يحمله الخطاب الديني من خطاب الكراهية والتعالي على بني البشر، ويدعو لمحاربة غير المسلمين وقتلهم واستحلال أموالهم واستحياء نسائهم واستباحة حرماتهم.
وما نراه اليوم من جرائم تُرْتَكَب باسم الإسلام، ترجمة حقيقية للخطاب الديني، تُمارسه بعض الفرق والطوائف المنتمية للمذهب السني، أمثال ( داعش، والإخوان المسلمين والقاعدة والتكفير والهجرة، والوهابية والسلفيون ) الذين اتخذوا من الروايات والإسرائيليات دينا ينشرون به الخوف والفزع وخطاب الكراهية، يقتلون الأبرياء دون ذنب، يحكمون على الناس بالكفر والقتل، اختطفوا حق الله في محاسبة عباده، واتخذوا من أنفسهم قضاة يقاضون كل من لا يتبع ملتهم ، وظَّفتْهُم أجهزة المخابرات الإسرائلية والغربية لتشويه الإسلام، وتدمير أوطان المسلمين العرب لصالح أهداف العدو الإسرائيلي، ولأمنه واستمراره في العدوان واستباحة الأوطان، ويتحقق لأمريكا والغرب سرقة الثروات العربية والسيطرة على منابع البترول ليَحرموا منها العرب، ولتستمتع بها الشعوب الأمركية والغربية على حساب مصالح الأمة العربية.
وبما أن الأزهر يُمثل مرجعية إسلامية على مستوى العالم الإسلامي، فإن مكانته الدولية تلقي عليه مسؤولية أمام الله، في أن يتخذ موقفًا مع الحق دون مواربة أو مجاملة، ودون أن تأخذه العزة بالإثم، متخذين آيات الله في كتابه الكريم نبراسًا يضيء لكم طريق الحق والصواب، إلتزامًا وتنفيذًا لقوله تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا«٧٠» يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا«٧١» إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا «٧٢» ) (الأحزاب: ۷۰-۷۲)
فالأمانة التي تحملونها هي رسالة الإسلام، وهي الخطاب الإلهي للناس كافة ، أنزله الله على رسوله -ﷺ- في قرآن مُبين ليبلغه للناس كافة.
وكلَّفه سبحانه في قوله تعالى:
( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ «٦٧») (المائدة).
فأدى الأمانة كما أمره الله سبحانه، حتى اكتملت الرسالة حينما بَلَغَ الناس في قول الله سبحانه:
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ «٣») (المائدة).
وعند تلك اللحظة التي اكتملت فيها الرسالة وتحددت فيها محاور المنهج الإلهي في العبادات والفضائل والأخلاق النبيلة، والتشريع الذي وضعه الله للناس وما فيه من ضوابط للإنسان مع الله، وضوابط تشريعية بين الناس بعضهم بعضًا حتى لا يطغى إنسان على أخيه الإنسان، على أساس من الرحمة والعدل لتؤسس مجتمعات الفضيلة والعدل.
ومنذ مرور أكثر من أربعة عشر قرنًا ، اسْتُبْعِدَت قيمُ الفضيلة والعدل والخلق الكريم من ممارسة سلوكيات المنهج الإلهي، واستُبقي القرآن شكلًا دون مضمون، واختصر على المنافسة بين أجمل الأصوات في تلاوته بالمساجد والأفراح وعلى القبور، وَاسْتُبْعِدَ المنهج الإلهي من القرآن الكريم الذي يبني شخصية الإنسان على قيم الفضيلة والرحمة والعدل والتقوى، وحلت محله روايات منسوبة إلى أقرباء الرسول وصحابته.
فتعالوا قبل أن يُدرككم الموتُ ، وتقفوا أمام الله لا شفيع ولا وسيط غير العمل الصالح، وقد شهدتم جميعًا بشهادة أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله.
فماذا سيكون موقفكم يوم الحساب؟.. هل اتبعتم محمدًا خاتم النبيين، أم اتبعتم فلانا عن فلان؟
أولا: هل يستوي ما قاله محمد -ﷺ- عما نقله عن ربه مباشرة من الخالق لعباده؟.. أم اتبعتم ما نُسِبَ إليه عن الرواة والإسرائيليات والأساطير؟!. ألا يؤمن المسلمون جميعًا بكل اليقين أن القرآن كلام الله بلّغه الرسول للناس مباشرة عن ربه أم ضلت عقولنا حتى آمَنَّا بأقوال منسوبة للرسول والله يشهد له بقوله :
( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ «١٩» ) (التكوير)، نقله جبريل عليه السلام للرسول ليبلغه للناس كافة.
ثانيًا: هل منح الله رسوله حق التشريع وحق التعديل بالإضافة أو الحذف على الرسالة التي أرسلها الله لعباده؟ أم أمره -ﷺ- لِيُعَلِّم الناس الحكمة وتكاليف العبادات ومقاصد الآيات لخير الإنسان
والتذكير بالقرآن بقوله سبحانه:
( نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ «٤٥») (ق).
كما كلَّفَه سبحانه بقوله:
(الٓمٓصٓ«١» كِتَبُ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ، وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ«٢»اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ«٣» ) (الأعراف: ۱ – ۳)
ومن أجل أن نكون صادقين مع الله ومع أنفسنا، يتطلب الأمر إلقاء الضوء على عناصر التكليف الإلهي لرسوله الكريم كما يلي:
أولًا: مسؤولية الرسول في قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا «٤٥» وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا«٤٦» وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا «٤٧» (الأحزاب: ٤٥ – ٤٧).
ثانيًا: ١- مهمة الرسول في قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ «٦٧» ) (المائدة).
٢- (الٓمٓصٓ«١» كِتَبُ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ، وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ«٢»)(الأعراف: ۱ – ٢).
٣- وأمره الله سبحانه وتعالى بقوله: ( وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ«٤٠») (الرعد).
ثالثًا: التذكير بالقرآن
• (نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ «٤٥») (ق).
•) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ«٦») (الجاثية).
• (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا «١٧٤») (النساء)
•(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ۚ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَىٰ ۚ قُل لَّا أَشْهَدُ ۚ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ «١٩») (الأنعام).
• (وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ «١٥٥») (الأنعام).
• (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ «٣») (الأعراف).
• (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ۚ أُولَٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَابِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ «٣٧») (الأعراف).
• (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ«١٤») (هود).
• (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ۙ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ «٦٤») (النحل).
• (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ «٨٩») (النحل).
• (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا ۚ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا «١٠٧») (الإسراء).
• (المر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ ۗ وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ «١») (الرعد ).
• (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ۚ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۖ وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا «٥٧») (الكهف).
• (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ «٢٩») (ص).
• (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ «٩») (الحديد).
• (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ «١٦») (الحديد).
• (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ «١٩») (التكوير ).
رابعًا: أسلوب الدعوة:
• (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ «١٢٥») (النحل).
• (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا «٢٩») (الكهف).
إنه مِمَّا سبق ذكره من آيات كريمة، يأمر الله فيها رسوله بأن يبلغ الناس المنهج الإلهي الذي يريد الله لعباده أن يتبعوه ويتدبروا آياته، ليتعرفوا على مقاصد الخالق لعباده لما ينجيهم ويصلح حالهم، وأن يجعلوا القرآن مصدرًا وحيدًا لعبادتهم وتشريعاتهم وتمسكهم بقيم الفضيلة والرحمة والعدل التي أمرهم به الله سبحانه، كي لا تتفرق بهم السبل ولِيُخْرِجَهُم من الظلمات إلى النور.
خامسا: تنبيه من الله للرسول
• (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ۗ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ «١٠٧») (الأنعام).
• (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ ۗ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ «٦») (فصلت).
• (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ «٤٣») (الزخرف).
• (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ «٤٤») (الزخرف).
أصحاب الفضيلة والمعالي…
ألا تعتقدون أن المسلمين اليوم يعيشون على مفترق طرق، يتطلب منكم تحديد المنهج الذي تعتمدون عليه في دعوتكم لـ (رسالة الإسلام)، وأن تخلوا ذمتكم أمام الله والناس.
فيوم الحساب لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وأن تحسموا موقفكم بناءً على ما سبق ذكره من آيات الذكر الحكيم، الذي حدد الله فيها واجبات الرسول، وأن القرآن الكريم شهد فيه الله لرسوله الكريم:
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ «١٩») (التكوير)، ممّا يعني أن القرآن وحده هو قول الرسول -ﷺ- الذي نقله إلينا عن ربه سبحانه للناس أجمعين، وأن ما عداه من أقوال نُسِبَت إليه لا تمت بصلة للرسول -ﷺ- مُطْلَقًا، بدليل أن الله شهد له في قرآنه بأن آياته قول الرسول الكريم.
• فمن يشهد لأصحاب الروايات بصدقها وبصحتها ؟
• ولماذا يحتاج المسلمون في رسالة الإسلام لإضافات بشرية وروايات إسرائيلية؟
• وهل المنهج الإلهي الذي جاء في قرآنه المبين لا يلبي متطلبات رسالة الإسلام ؟ .. والله سبحانه يقول: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ «٣٨») (الأنعام)، وقوله تعالى: (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ «٨٩») (النحل).
ومن أجل ألا يدور المسلمون في تلك الظنون والتخرصات وتعدد المرجعيات وصراع الفلسفات والنظريات، وحتى لا يستمر المسلمون في متاهات الوهم والواقع الإفتراضي، عليكم الإجابة على الشكوى التي يعرضها رسولنا الكريم على الله والتي تمثل اتهاما مباشرًا لكم، أنتم الذين تصديتم لحمل الرسالة وَوُضِعتم في مكانة دعاة الاسلام وحماته، أن تجيبوا على الأسباب التي تضمنتها التهمة العظيمة. وسوف يكون وقعها عليكم عظيمًا يوم الحساب.
وتلك التهمة هي قوله تعالى:
(وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا «٣٠») (الفرقان)
ماذا سوف يكون دفاعكم يوم القيامة؟.. هل ستجيبون كما قال تعالى:
(يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا «٢٨» لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا «٢٩») (الفرقان: ۲۸ – ۲۹).
ليس أمامكم إلا طريق واحد ينقذكم من ذلك الموقف العظيم، وهو العودة لكتاب الله رسالة الإسلام والعدل والسلام للناس جميعًا، وأن تكون آياته وما تضمنته من تشريع وفضيلة وقيم وأخلاق كريمة، تستنبطون منها متطلبات المجتمع المسلم، ووضع تشريعات القوانين المختلفة مبنية على المنهج الإلهي في قرآنه الكريم في العقيدة والعبادات والمعاملات والأخلاق والتربية الإسلامية المبنية على الفضيلة والقيم النبيلة التي تدعو لها رسالة الإسلام.
وقد حذر الله عباده بقوله: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ «١٢٤») (طه).
ومن أجل الخروج من تراكمات الروايات التي شوهت صورة الرحمة والعدل والقيم النبيلة لرسالة الإسلام حينما طغت الروايات على الآيات.
فلا سبيل للمسلمين إلا العودة لكتاب الله وما بلَّغه الرسولُ للناس من آيات كريمة، ترسم لهم منهج حياة للعيش فيها بسلام، سعداء بحاضرهم مطمئنين لغدهم، لا فزع يؤرقهم ولا تهديد يخيفهم ، ولا أوصياء على الإسلام سيحكمون عليهم بالارتداد عن الدين ومصيرهم القتل، الكل يسعى في مناكب الأرض ويبحث عن رزقه، ترفرف عليهم عناية الله وبركاته، وقد اختفت عنهم الوجوه الكالحة وأشباه الشياطين دعاة الكراهية أعداء الحياة.
فالله يدعوكم إلى اتباع صراطه المستقيم في قوله تعالى: (وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ «١٥٣») (الأنعام).
لذا، فإنني أخاطب المذكورين أعلاه الموجه إليهم هذا النداء وقد سبق وأن طالب به الرئيس / عبد الفتاح السيسي، بتصويب الخطاب الديني، وللضرورة الملحة لما يشهده العالم العربي من تدمير وقتل باسم الاسلام، حيث انتقلت تلك الصورة المشوهة لكل أقطار العالم.
لذا، ومن أجل إزالة الشوائب والتشويه لصورة الإسلام، يتطلب الأمر – من الأزهر ووزارة الأوقاف المصرية ودار الإفتاء مجتمعين- وضع تصور موحد لرسالة الإسلام أساسه مرجعية القرآن.
لأن الله سبحانه لم يرسل جبريل عليه السلام بأن يوحى للرسول مرة بالقرآن وآياته، ومرة بالأحاديث، ومرة أخرى بأحاديث قدسية ورواياته.
والله سبحانه يخاطب رسوله في ذلك بقوله:
(تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ «٦») (الجاثية).
بل أرسل الله سبحانه جبريل مرة واحدة، ليوحي إلى محمد -ﷺ- كتاباً كريماً ليُخرج الناس من الظلمات إلى النور، كي لا يبقى المسلمون رهينة لاجتهادات توافقت مع عصرها وزمانها.
نحن لنا عصرنا وزماننا وديننا دين ماض وحاضر ومستقبل، يخاطب العقل ويحفزه للتفكر في الكون ليُسَخَّر ما فيه من خبرات لخدمة الانسان وتعمير الأرض ونشر الرحمة والمحبة والعدل والسلام، وقال تعالى: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ «١٣٤») (البقرة).
إذن نحن لسنا مسؤولين عمن سبقنا، ولن تشفع لنا تصوراتهم ولا اجتهاداتهم أو رواياتهم، إنما يشفع لنا عند الله يوم القيامة ما نقدمه من عمل صالح، وما ندعو إليه من التمسك بحبل الله وقرآنه ، الذي تطمئن إليه قلوبنا وتتطهر بتلاوته نفوسنا ، ونستعين به في حياتنا ، ونتبع أمر الله سبحانه بقوله: (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ «٣») (الأعراف).
اللهم بلغتُ … اللهم فاشهد