رسائل تنمية واقتصاد .. الاقتصاد المصري ..الحلقة الثالثة والعشرون من كتاب “ومضات علي الطريق العربي ” للمفكر العربي علي محمد الشرفاء

0

في الحلقة الثالثة والعشرين من كتاب “ومضات علي الطريق العربي ” للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، وهو عبارة عن دراسات ومشاريع وحلول لواقع المستقبل العربي في القرن الواحد والعشرين سرد المؤلف محتوى رسالة حول التنمية والاقتصاد في مصر، بعث بها إلي المشيرالراحل محمد سيد طنطاوي إبان حكم المجلس العسكري، آملا العمل بها  كمنهج للنهوض بمصر، وهي عبارة عن خطة للتنمية مكونة من عدة بنود سردها بالتفصيل فيما كتبه وبعث به وإلي نص ما قال وكتب المؤلف

رسالتان موجهتان إلى رئيس المجلس العسكري المصري السابق , الأولي عن الاقتصاد بتاريخ 29/9/2011

 والثانية بتاريخ 12/1/2012

الفصل الثالث

رسائل تنمية واقتصاد ..الاقتصاد المصري

سيادة المشير/ محمد حسين طنطاوي الموقر

رئيس المجلس العسكري القاهرة – جمهورية مصر العربية

تحية طيبة، وبعد

لقد تحملتم مسئولية جليلة، وتسلمتم قيادة أخطر مرحلة في تاريخ جمهورية مصر العربية، فهي اليوم كالسفينة تبحر فوق أمواج عاتية: ضاعفت حدتها المظاهرات المليونية، والاعتصامات الفئوية المختلفة التي من شأنها مضاعفة الأعباء المالية على الحكومة المصرية، بالإضافة إلى هبوط معدل الإنتاج في القطاعات الاقتصادية المختلفة، ومن أجل ألا تصل مصر إلى حافة الإفلاس، وهو الأمر الذي ينتج عنه تأثيرات سلبية على الأمن القومي.

لذلك فإنني أهيب بكم – من أجل تأكيد ثقة القدرات الاقتصادية الوطنية والدولية في الاقتصاد المصري، ومن أجل دعم القطاعات الإنتاجية و تطويرها و بكل احترام – أرجو أن توجهوا الحكومة إلى إصدار القرار الآتي:

( تلتزم الحكومة المصرية بكافة التعاقدات في كل القطاعات الاقتصادية – مع الهيئات المحلية، و الدولية، والشركات الوطنية، والأجنبية، والمؤسسات، والأفراد، التي تعاقدت معها المؤسسات الحكومية قبل 25 يناير 2011، وتؤكد على عدم التعرض لها بأي شكل من أشكال المصادرة، أو الإلغاء، أو وقف النشاط، على أن تفي تلك الهيئات، والشركات، والمؤسسات، والأفراد بالتزاماتها وفق العقود المصدقة من جهات الاختصاص الرسمية مع المؤسسات الحكومية).

سيادة المشير إن هذا الاقتراح نابع من تقديري لكم، وثقتي بوعیکم وبقدرتكم على استيعاب نتائجه الإيجابية؛ لإعادة العافية الكاملة للاقتصاد المصري، ومن أجل دوران عجلة الإنتاج، التي تحتاج إلى تذليل كافة العقبات أمامها، لتعويض انخفاض معدلات الإنتاج في الثمانية شهور الماضية؟ ولتنطلق القطاعات الاقتصادية المختلفة نحو زيادة الإنتاج وتطويره، لتشجيع مصر على أن تبدأ تحركها لبناء المستقبل، وتجعل الماضي، ومآسيه، وأخطاءه دافعا قويا للنهوض بقدرات شعبها لتحقيق أمانيه؛ وليبدأ الشعب المصري في النظر إلى المستقبل وتحدياته، ويضع خططا اقتصادية، وتشريعات قانونية تستهدف حماية حقوق أصحاب رأس المال والعاملين، بدون طغيان فئة على أخرى، بل إيجاد انسجام كامل بين رأس المال، والأيدي العاملة؛ لتحقيق العدالة للجميع؛ لكي تكون هذه التشريعات قاعدة أساسية في تنمية الاقتصاد المصري، والارتقاء بمستوى دخل الفرد؛ ليعيش المواطنون حياة حرة كريمة.

إن لجمهورية مصر العربية دينا في عنقي؛ حين کرمتني ببعثة دراسية، و منحة من المرحوم الرئيس جمال عبد الناصر؛ للانتساب بالكلية الحربية، التي تعلمت فيها معنى الوطنية، والتفاني في خدمة الوطن، والحفاظ على مكتسباته، وفداءه بكل غال ونفيس؛ حيث تخرجت منها الدفعة 49 في فبراير 1966.

لذا فإنني أدين لمصر بكل جوارحي، أعيش آمال شعبها، وأتطلع إليها لتكون قادرة على الوفاء بمسئولياتها القومية، ثابتة الأركان، قوية البنيان، صامدة على مر الزمان، قادرة على تسخير كل طاقاتها الخلافة في سبيل قيادة الأمة العربية؛ لمواجهة تحديات المتغيرات السياسية في القرن الواحد و العشرين.

والله يوفقكم في خدمة مصر وشعبها، ويعينكم على تأدية مسئولياتكم الجليلة على الوجه الأكمل، وأن تجتاز مصر مرحلة عبور جديدة؛ تقودها القوات المسلحة، كما قادت الشعب المصري في أعظم ملحمة عسكرية في التاريخ في 6 أكتوبر 1973، بتقدير موقف سليم، وحكمة تستوعب كل أطياف الشعب المصري، وإدراك واع لدواعي الأمن القومي.

-2-

التنمية الشاملة

معالي المشير/ محمد حسين طنطاوي الموقر

رئيس المجلس الأعلى العسكري

تحية طيبة وبعد ،

تمر جمهورية مصر العربية – الغالية على كل مواطن عربي شريف بمنعطف تاريخي، تبني على أساسه مستقبل الشعب المصري للأجيال القادمة؛ وهو الأمر الذي يحقق له حرية الإرادة في اتخاذ قراره السياسي، واقتداره في حماية أمنه واستقلاله، والعمل على تعميق مفهوم الوحدة الوطنية، وحشد إمكانياته لتحقيق العيش الكريم للمواطن من سكن ودخل مادي يفي باحتياجات أسرته. وذلك لن يتحقق إلا برؤية مستنيرة تستوعب متطلبات الشعب المصري، وبخطة تنموية تستطيع تسخير قدرات المواطنين المصريين في مشاريع التنمية.

ومن هذا المنطلق؛ فلقد عايشت الشعب المصري في أفراحه وانتصاراته، ومن موقع مواطن عربي امتزجت آماله، وأحلامه مع الشعب المصري خلال فترة دراستي في الكلية الحربية التي تخرجت فيها في فبراير سنة 1966، ومن موقعي؛ كمدير ديوان الرئاسة في دولة الإمارات العربية المتحدة من سنة 1973 حتى 1995 تشرفت خلالها بتكليف من المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة – أن أتولى وضع آلية الأسس لبناء علاقة مميزة مع جمهورية مصر العربية.

وكذلك السعي لعودتها إلى العالم العربي بعد قرار المقاطعة إثر توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وبفضل من الله تعالی و بصيرة من المرحوم الشيخ زايد، وإدراك واع منه بأهمية الدور الاستراتيجي لمصر في الأمن القومي العربي؛ لكي يتحقق ما يرجوه لمصر من عودة كريمة لأشقائها العرب فإنني قمت بدراسة متواضعة في شأن التنمية الشاملة، وانتهيت بتقديم اقتراحين المشروعين يمكنهما تحقيق هذه التنمية، وهما:

1. مشروع القرية المصرية.

2. مشروع التأهيل القومي.

أولًا: إن مشروع القرية المصرية يستطيع استيعاب ساكني العشوائيات، بالإضافة إلى إيجاد فرص عمل للعاطلين من مختلف المستويات و الطبقات، محققا لهم عملا دائما، و سكئا لأسرهم، وعائدا ماليًا مناسبًا، بالإضافة إلى تقديم خدمات التعليم، والصحة والتدريب، والمحافظة على الأراضي الصالحة للزراعة ضمن برنامج يشترك فيه القادرون من أفراد الأسر الذين سيكونون أعضاء في مشروع القرية المصرية.

إن أقل مساحة يتم استغلالها لن تقل عن خمسة آلاف وخمسمائة فدان، ضمن خطة زراعية تستطيع استصلاح آلاف القرى المصرية في مختلف المحافظات، فتكون قادرة على تأمين القمح، والذرة للتخفيف عن ميزانية الاستيراد الخارجي، وصولا بها إلى فائض تصديري؛ بحيث تصبح كل أسرة مالكة لمسكن لا تقل مساحته عن 120 م2، إضافة إلى تملكها عدد سهمین أي ما يعادل مساحة فدانين من الأرض، وما ينتج تتوارثه الأسرة جيلا بعد جيل، وبهذا الأسلوب تتم المحافظة على عدم تفتيت الملكية، ويتحقق لكل أسرة عائد شهري لا يقل عن 1500 جنيه تقريبا؛ أي إن هذا المشروع يحقق ما يأتي:

1. تأمين سكن مناسب لكل أسرة مساحته 120 م2، على مساحة أرض مساحتها 300 م2، تستطيع الأسرة اقتناء بعض الحيوانات الأليفة و الطيور لتربيتها فيها، وسيتم البناء على مساحة 500 فدان مع مباني الخدمات العامة؛ كالمدارس، والمساجد، والكنائس، ومراكز التدريب.

2 . تأمين دخل مناسب لكل أسرة لا يقل عن 1500 جنيه شهريا.

3. يتحقق الاكتفاء الذاتي، و الغذائي من القمح والذرة.

4. يتم الحفاظ على مساحات الأراضي بدون تفتيت للملكية.

5. توظيف قدرات الوزارات المختصة في عمل تعاوني مشترك.

6. تكوين احتياطي من الجنود للقوات المسلحة، حيث يتضمن المشروع تدريبا عسكريا، وذلك عند الحاجة للدفاع عن الوطن.

لقد فشلت مشروعات سابقة منذ أيام المرحوم الرئيس السادات، وذلك عندما تم توزيع أراضي زراعية على الخريجين وهم لا يملكون الخبرة الزراعية، ولا القدرة المالية، ويومها توزعت تلك المساحات الزراعية على شکل قطع صغيرة ليست اقتصادية.

لذا يجب المحافظة على مساحات الأراضي القابلة للزراعة، وعدم توزيعها عشوائيا، لأن هذا الأسلوب لن يحقق أية مصلحة المواطنين، وتضيع الأراضي بيد أفراد لا يعرفون كيفية الإفادة منها، وهذا أمر خطير يتعارض مع المصلحة العامة، ويفتح بابا للنزاعات؛ حيث إن كل مواطن سيطالب بحقه في تملك أرض زراعية، ولن تستطيع المساحات الموجودة في جمهورية مصر العربية أن تفي بطلبات جميع المواطنين، لذا فإنني اقترح تمليك الأرض للأسر بمنح كل أسرة (سهمين) بما يعادل محصول ( فدانين).

ثانيًا: أما مشروع التأهيل القومي فهو يستهدف إعادة تأهيل المواطنين الذين تدفعهم ظروفهم المعيشية الصعبة إلى أن يصبحوا خارجين على القانون، فيرهقون ميزانية الدولة في ملاحقتهم، واعتقالهم، وإعاشتهم في السجون. إن هذا المشروع يستوعبهم بإعادة تأهيلهم؛ ليكونوا مواطنين صالحين، وذلك بمنح أسرهم (سهمين)؛ أي ما يعادل محصول (فدانين).

حيث إنهم سيقومون بالعمل في المشروع الزراعي الذي شرحناه في مشروع القرية المصرية، وتمنح أسرهم سكنا بعد خمس سنوات من التأهيل، حسب حسن السير والسلوك. ويمكن التوسع في تعميم هذا المشروع في كل المحافظات، و بذلك لن يبقى في السجون إلا أصحاب الجنايات الكبری وفوائد هذا المشروع تتمثل فيما يأتي:

1. تقليل نسبة الجرائم في المجتمع.

2. إعادة الإفادة من قدرات المواطنين بعد تأهيلهم في خدمة المجتمع.

3. توفير ميزانية الدولة التي يتم صرفها على إعاشة المساجين، و حراستهم.

4. تكوين احتياطي للقوات المسلحة.

5. تحقيق استقرار، وأمن للمواطنين.

لذا فإنني اقترح البدء في تنفيذ مشروع القرية المصرية في سيناء، وذلك بإنشاء عشرين قرية تتفق مع متطلبات الأمن القومي المصري.

هذه مقترحات متواضعة أضعها بين يدي معاليكم لكي يتم تدارسها مع الخبراء، والاختصاصيين لخدمة شعب مصر.

داعيا المولى -عز وجل- أن يعينكم على تحمل مسئولياتكم، وأن يأخذ بیدیکم، لتحقيق ما تتمناه مصر وشعبها العظيم.

Leave A Reply

Your email address will not be published.