الحلقة السابعة من كتاب “ومضات على الطريق العربي” للمفكر العربي علي محمد الشرفاء

0

في  الحلقة السابعة من كتاب”ومضات علي الطريق العربي ” للمفكر علي محمد الشرفاء الحمادي، وهو عبارة عن دراسات ومشاريع وحلول لواقع المستقبل العربي في القرن الواحد والعشرين يطالب الكاتب في الجزء الأول من الفصل الخامس الذي جاء بعنوان  القمة العربية ومواجهة المستقبل ” وكان ذلك قبيل انعقاد قمة الدوحة  الدول العربية ورؤساءها وحكامها وقادتها بایجاد منظومة سياسية واقتصادية وعسكرية قادرة على تحقيق التطوير في العالم العربي، وتنمية قدراته في المجالات الاقتصادية والعسكرية و العالمية،وخلق آليات تستطيع تطبيق مقررات مؤتمرات القمة في كافة المجالات ضمن استراتيجية المشروع القومي العربي؛ حتى تتحقق النتائج المرجوة من تلك القرارات، وتعود فوائدها على المواطن العربي في كل قطر عربي. للأخذ بها ولعل ذلك هو ما نادت به القمة العربية الأخيرة التي انتهت منذ أيام في الجزائر ووضع  المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي مجموعة من التوصيات والمقترحات في ثنايا كتابه للقادة العرب للأخذ بها وإلي تفاصيل ما سطر الكاتب

الفصل الخامس

القمة العربية ومواجهة المستقبل

يعقد مؤتمر القمة العربي القادم في الدوحة، وآمال الأمة العربية منعقدة على قياداتها في وضع الخطوط العريضة للمشروع القومي العربي، وذلك بایجاد منظومة سياسية واقتصادية وعسكرية قادرة على تحقيق التطوير في العالم العربي، وتنمية قدراته في المجالات الاقتصادية والعسكرية و العالمية، وذلك بإعادة النظر في نظام الجامعة العربية من حيث هيكلتها ومهامهاء وخلق آليات تستطيع تطبيق مقررات مؤتمرات القمة في كافة المجالات ضمن استراتيجية المشروع القومي العربي؛ حتى تتحقق النتائج المرجوة من تلك القرارات، وتعود فوائدها على المواطن العربي في كل قطر عربي.

فإلى متى ستظل آمال الشعوب العربية تراوح في مكانها منذ أكثر من ستين عاما، لتحقيق طموحاتها في تنظيم مشروع قومي عربي قادر على تحقيق حمايتها من أية اعتداءات خارجية، ويكفل لها مكانة ذات شأن يحسب لها العالم حساب القدرة على الفعل، والدفاع عن مصالحها؛ بحيث تصبح قادرة على توظيف كافة قدراتها الاقتصادية والمالية، و ثرواتها الطبيعية في سبيل رفع مستوى المواطن العربي في كل مكان من أرض العروبة فتشيغه علما وتكسبه خبرة، وتؤمن له معيشة راضية.

وهو الأمر الذي يحفز المواطن العربي لتقديم ما لديه من فكر، وطاقة معنوية وجسدية في خدمة وطنه؛ كما يحقق له الطمأنينة في وطنه بدون خوف من اعتقال الرأي يبديه، و بدون وجلي من فكر يرجو أن يفيد به أمته ؛ وبذلك يتحقق له مناخ تترعرع فيه الوحدة الوطنية، وتتلاحم فيه القدرات، وتتكاتف الأيدي في خدمة المصلحة العليا، وهو الأمر الذي يصب من ثم في المصلحة العربية المشتركة.

ومن هنا فإن مواجهة المستقبل تتطلب التفاني والإخلاص، و الترفع عن المشاحنات بين القيادات العربية، والإدراك بوعي المسئولية بعدم إعطاء الفرصة للفتن، وأن تتقي الله كافة مؤسسات الإعلام في العالم العربي بعدم نشر أية أخبار ومعلومات تثير الفرقة والفتنة؛ حتى و إن صحت مصادرها لأنها تسبب الشكوك بين القادة العرب ؛ فينتج عنها آثار سلبية، تسهم في تمزيق الصف العربي، وتضيع من الأمة العربية أياما وسنين، والخلاف يمزقهاء فتتراجع مصالحها، وتستغل قوى الشر فرصة التشرذم لتتقدم في تحقيق مصالحها الاستراتيجية على حساب مصالح الأمة العربية، وهو الأمر الذي يجعل الوطن العربي مهددا في أمنه، واستقلاله، وسيادته . وعليه فإن المشروع القومي العربي يتطلب ما يأتي لمواجهة المستقبل:

 أولا: تشكيل مجلس أعلى لإعداد استراتيجية عربية قادرة على تحقيق آمال الأمة العربية في مختلف الميادين، وفي البداية المجال السياسي، حسبما يأتي:

1. تشكل لجنة من وزراء الخارجية:

المملكة العربية السعودية، جمهورية مصر العربية، الجمهورية الجزائرية الجماهيرية الليبية، دولة قطر. كما يعين الأمين العام المساعد مقرر اللجنة.

2. تضع الإدارة السياسية في الأمانة العامة للجامعة العربية تصورا مقترحا بشأن ما يجب أن تقوم عليه الأسس السياسية للدول العربية، وتحديد مستوى العلاقات الدبلوماسية مع المحاور الخمسة، والتي تتمثل في:

أ. الدول الإسلامية.

ب. الدول الأفريقية.

ت. الولايات المتحدة الأمريكية والغرب.

ث. الهند و دول شرق آسيا.

ج. الاتحاد الروسي والصين.

 3. إعداد صياغة جديدة للعلاقات السياسية والاقتصادية، وتنمية العلاقات المشتركة بين الاتحاد الأوروبي، والعالم العربي، وتفعيل ما يربطنا معهم من ارتباط تاریخی و مصالح مشتركة؛ حيث إن أوروبا الأقرب للعالم العربي. ويمكن إحياء الحوار العربي الأوربي على أساس بناء آليات اقتصادية، ومشاريع عملاقة مشتركة؛ ليتحول الحوار من تبادل الأحاديث والمجاملات إلى مناقشة مشاريع واتفاقيات اقتصادية للتعاون في مجالات النفط والغاز والزراعة، وخلق سوق مشتركة بين أوروبا والعالم العربي، إذ إن لديهم أسس التكامل الاقتصادي.

وكذلك يكون على الإدارة السياسية أن تقوم بإعداد التصور السياسي، والعلاقات الدبلوماسية؛ على أساس مواقف الدول المشار إليها في مختلف المراحل الزمنية من القضايا العربية، ووضع تقييم سليم من أجل بلورة إعداد استراتيجية تستهدف في مجملها تنمية العلاقات السياسية، وتطويرها مع الدول ذات المواقف الإيجابية من الحقوق العربية، وفي الوقت نفسه فتح حوار مع الدولي المتحيزة لدولة إسرائيل؛ لتعديل مواقفها المستمرة، و الداعمة لها بكل الوسائل الاقتصادية، والعسكرية؛ بدون الالتفات لقرارات الشرعية الدولية بشأن الحقوق الفلسطينية والعربية. على أن يتم الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الغربية من منطلق الموقف الموحد ضمن الاستراتيجية السياسية العربية؛ التي – بعد اعتمادها من مؤتمر القمة – تكون هي الإطار الوحيد الذي تتحرك من خلاله الدبلوماسية العربية في كل دولة عضو في الجامعة العربية.

 ثانيا: المجال الاقتصادي:

تشكل لجنة عليا من وزراء الاقتصاد والمالي لإعداد استراتيجية اقتصادية تنهض بالتنمية الاقتصادية، وتطوير الثروات الطبيعية التي تزخر بها الدول العربية، كما تضع أسسا عالمية، لتحقيق التعاون الاقتصادي في العالم العربي، ووضع آليات لتفعيل السوق العربية المشتركة، وتتكون اللجنة العليا الاقتصادية من الدول الآتية:

دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، والجمهورية التونسية، ودولة الكويت، وجمهورية السودان.

ويعين الأمين العام المساعد للشئون الاقتصادية مقرا لها، وتكون مهمتها ما يأتي:

1. تفعيل اتفاقيات الوحدة الاقتصادية، وكل الاتفاقيات التي من شأنها أن تكون أساسا ضمن استراتيجية محددة للنهوض بالوضع الاقتصادي في الوطن العربي.

2 . إنشاء بنك عربي تحت اسم (بنك التنمية العربية) رأس ماله لا يقل عن خمسين مليار دولار تكون مهمته تصحيح الهياكل المالية في الدول العربية، وتطوير إمكانياتها الاقتصادية، حتى تستطيع الخروج من الكبوة الاقتصادية على أساس خطة خمسية تأخذ في الحسبان الدول التي لديها إمكانيات وثروات يمكن استثمارها، ومن ثم تحقق مردودا اقتصاديا في وقت لا يزيد عن خمس سنوات، على أن يكون أداء البنك – وسياسته التنفيذية – معتمدا على الدراسات الاقتصادية؛ حتى يستطيع معالجة الخلل المالي في الدول العربية.

وهو الأمر الذي يعني أن الأمة العربية إذا استطاعت أن تضع الآليات العلمية العامة، وتسخر فوائضها المالية في خدمة الاقتصاد العربي، فإن ذلك سيحقق لها ما يأتي:

 أ. ستكون الاستثمارات العربية في مأمن من التجميد أو المصادرة أو التلاعب، كما حدث في حالات كثيرة – الكل يعلمها حينما قامت الولايات المتحدة بتجميد أرصدة الجماهيرية الليبية.

ب. المردود المالي على الاستثمار العربي، سيكون مضمون الفوائد وسيفوق ما تحصل عليه الاستثمارات العربية في الدول الغربية من

فوائد هزيلة ؛ بل وأحيانا فقدان رأس المال في الاستثمارات الدولية.

ت. تملك الاستثمار العربي لمشاريع حقيقية منتجة ؟ وأسواقها موجودة في الدول العربية؛ فلو علمنا أن الدول العربية تستورد من الخارج سنويا ما قيمته أكثر من 65 بليون دولار في حقل الغذاء، كان يمكن أن توجه تلك المبالغ للمنتج العربي، وتكون عاملا في ازدهار المجتمعات العربية المنتجة.

ث. تتحقق للدول العربية التي تواجه صعوبات مالية في تمويل مواردها الطبيعية إفادة عظيمة في تطوير ثرواتها، وتحقيق أهدافها في التنمية، وتوفير فرص العمل، وهو الأمر الذي يساعدها على الاستقرار والنمو، ويمنع عنها الهزات السياسية، والانقلابات العسكرية، ويغنيها عن طلب المساعدات والهبات؛ فتحفظ ماء الوجه، وتنطلق البناء المستقبل المشرق.

1. يتولى مجلس إدارة بنك التنمية العربية، عملية التعاون الدولي، ومخاطبة الاتحاد الأوربي لوضع آلية مشتركة لإنشاء شركة استثمارية بين العالم العربي، والاتحاد الأوربي، للإفادة من الخبرات والتقنيات التي ستحقق إنجازات و نتائج في مجال الأمن الغذائي، كزراعة القمح على سبيل المثال.

2. تتولى الشركة العربية الأوروبية البدء فورا بدراسات علمية واقتصادية ؛ التأكيد الجدوى في مجال زراعة القمح في السودان، لما تتمتع به من أراض صالحة للزراعة، وتوفر المياه التي تستطيع أن تلبي احتياجات الاستخدام، كما تقوم أيضا بعمل دراسات في مجال الثروة الحيوانية، وما تتطلبه من آليات في الجزائر، والمغرب، وغيرها من الدول العربية. وفي خلال خمس سنوات تستطيع الدول العربية من خلال تلك الشراكة – أن تحقق اكتفاء ذاتيا في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية.

ثالثا: مواجهة الأزمة المالية العالمية:

تقرر مؤسسة القمة العربية في إحدى قممها، تشكيل لجنة اقتصادية عليا الدراسة آثار الأزمة المالية العالمية، وكيفية مواجهتها على مستوى العالم العربي، وجعلها عاملا إيجابيا في دعم صندوق النقد العربي، وإعادة النظر في قانون إنشائه، و تكليفه بمهام إضافية تمكنه من إعادة هيكلة المؤسسات المالية الحكومية في البلدان العربية التي قد تتأثر مرحليا بالأزمة العالمية، لتفادي آثارها السلبية على المجتمعات العربية، وهو الأمر الذي قد يترتب عليه فقدان القوى العاملة الوظائف، وانتشار البطالة، وما يمكن أن ينتج عن ذلك من تغييرات سياسية، وأوضاع مأساوية من الصعب تداركها.

على أن يكون تشكيل اللجنة من خبراء اقتصاديين في وزارات المالية في العالم العربي بالاضافة إلى محافظي البنوك المركزية، وصندوق النقد العربي، وبنوك التنمية في بعض الدول العربية؛ وذلك لوضع استراتيجية اقتصادية قادرة على توظيف بعض الفوائض المالية في العالم العربي، لتكون في خدمة المشروع القومي الاقتصادي؛ حيث إن هذه المرحلة تتطلب وعياء وإدراكا مخلصا لما يمكن أن تسببه الأزمة المالية العالمية من تطورات خطيرة في المجتمعات العربية.

ولقد رأينا جميعا كيف أن الدول الأوروبية، والولايات المتحدة الأمريكية أسرعوا بالدعوة إلى لقاءات متعددة جمعت قياداتهم لتدارس الأمر، والبحث عن حلول للأزمة. لكننا في عالمنا العربي نعيش مترقبين، وكأن الأمر لا يعنينا ، أو كأننا نعيش في عالم آخر، ومن ثم فإن المسئولية الملقاة على عاتق قادة الأمة العربية مسئولية تاريخية فاصلة، وهي إما أن نكون أو لا نكون…

Leave A Reply

Your email address will not be published.