
تصويب الخطاب الإسلامي(4)..الحلقة الخامسة من كتاب ومضات علي الطريق ( المسلمون بين الآيات والروايات) للمفكر العربي علي محمد الشرفاء
أعزاءنا القراء من جديد نواصل معكم نشر الجزء الثالث من كتاب ومضات علي الطريق(المسلمون بين الآيات والروايات) للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، وفي هذه الحلقة الرابعة من تصويب الخطاب الإسلامي ، نستعرض معكم بعض ما كتبه المؤلف، وسنوالي معكم النشر ضمن سلسلة من الحلقات.
وفي حلقة اليوم يتحدث المؤلف عن كيف استغل الشياطين والمجرمون، واستطاعوا أن يغرروا بالناس ويخدعونهم فيما يقدمونه لهم باعتماد آيات القتال التي وردت في سورة التوبة، قاعدة أزلية وكأنها أمر الله للمسلمين أن يفرضوا الإسلام بالقوة. ليظل المسلمون في قتال دائم مع الناس، معتقدين ذلك التشريع المؤقت وما اقتضته ضرورة المواجهة مع أعداء الدعوة وأصحاب الباطل فى مرحلة اقتضتها ضرورات الدفاع عن النفس، وقد انتهى مفعول تلك التشريعات بتشريعات أخرى أنزلها الله على رسوله لمرحلة جديد للدعوة الإسلامية، ولكن ذوي الأهداف الخبيثة التي تسعى لتشويه رسالة الإسلام رسالة الرحمة بخداع المسلمين،؛ حيث أقنعوا المتطرفين والإرهابيين بعقيدة ضالة وفاسدة، ومع تأصل ذلك الفهم الوهمي وتجذره في قلوبهم واقتناع العقول المريضة والبائسة اليائسة من الحياة، به وجدوا البديل فى الوهم الذي تم تغذيته لعقولهم من علماء السوء ملجاً ومخرجاً لتحقيق خيال مزعوم تمكن في نفوس شقية ساقها الشيطان للشر والإجرام. لشوهوا رساله هذا الدين التي تنطوي علي الخير والرحمة والعدل وإلي نص ما قال وكتب المؤلف.
تصويب الخطاب الإسلامي(4)..
تلك التشريعات الإلهية بما ذكرته آيات الذكر الحكيم إنما هي تشريعات ظرفية اقتضت حكمة الله أن يدعم بها رسالته وحماية لرسوله في حياته لمواجهة القوى الشريرة التي تريد النيل من حياته، والنيل من الرسالة التي يحملها من خالقه للناس وقد انتهى مفعول تلك التشريعات والمشابهة لها في بعض الآيات التي سنها الله لرسوله في حياته، حتى استقرت للإسلام مكانته وعلت لله كلمته حيث جعل الله سبحانه تلك القواعد التشريعية فى حالة الطوارئ للمواجهات الحربية بين الطرفين ، وعلى أساسها اتخذ الرسول والمسلمون الإجراءات اللازمة وفقاً لتلك التشريعات حتى يستتب للمسلمين الأمان فى ممارسة شعائرهم الدينية، وتكون لهم الحرية في دعوة الناس للدخول في دين الله، دون أن يعيق أحد دعوتهم للناس في أمن وسلام وتأمين الحرية الكاملة في اختيار الناس للدخول في الإسلام دون ضغط أو تهديد أو إكراه.
وبانتهاء تلك المرحلة وانتصار المسلمين بما تحقق لهم من التمكين في مكة والمدينة من أمن واستقرار اقتضت حكمة الله انتهاء مفعول تلك التشريعات التي اقتضتها الضرورات لحماية الرسالة وصد العدوان وتحقيق انتصار المسلمين.
ثم أنزل الله سبحانه تشريعاً يدعو الرسول لاتباع منهج جديد وسياسة تتسم بالحكمة والموعظة الحسنة لدعوة الناس إلى الكتاب الكريم، ليهديهم طريق الخير والسلام بتعليمات جديدة للرسول -عليه السلام- تختلف عن مرحلة مواجهة قوى البغي والعدوان والذود عن النفس والحرمات وحماية الدعوة الإسلامية في قوله سبحانه: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل: ١٢٥).
كما أن الله سبحانه خاطب رسوله بشأن الدعوة لرسالة الإسلام بقوله:(وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (يونس: ۹۹)، وهذه الآية دعوة الخالق بكل وضوح النهي الصريح بعدم إكراه الناس على الدخول في دين الإسلام، كما أن الله سبحانه وضع تشريعاً سارياً إلى يوم القيامة بشأن حرية الاعتقاد لكل إنسان بقوله:(وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) (الكهف: ٢٩).
وبهذا التشريع أسقط الله حجة الذين يجعلون من أنفسهم أوصياء على الناس في عقائدهم أو إكراههم على اتباع دين الإسلام، أو العقيدة التي يؤمنون بها بالقوة والترهيب والقتل، وبهذه الآيات الكريمة يبين الله سبحانه أن لكل عصر حسب متطلباته وضروراته والدليل على ذلك انتقال دعوة الرسالة لمرحلة جديدة بعد فتح مكة المكرمة وقيام دولة المدينة، واستتباب الأمن للرسول وأصحابه متبعة القواعد الإلهية التي تتفق مع مرحلة التطور بعد انتشار الإسلام ودخول الآلاف فى مكة والمدينة، فأوحى الله لرسوله تشريعات جديدة تتواكب مع مرحلة اتساع انتشار الإسلام مما يحتاج إلى أساليب جديدة للدعوة كما ذُكر في الآيات السابقة أعلاه – لاستقطاب الناس للدخول في الإسلام الذي ينظم حياتهم، ويحقق لهم أسس التعاون والتكافل في المجتمعات الإنسانية ويوفر لهم الحياة الآمنة والسلام بين جميع أفراد المجتمع على أساس من الرحمة والعدالة في التعامل بينهم.
وقد استغل الشياطين والمجرمون ذلك، واستطاعوا أن يغرروا بالناس ويخدعونهم فيما يقدمونه لهم باعتماد آيات القتال التي وردت في سورة التوبة، قاعدة أزلية وكأنها أمر الله للمسلمين أن يفرضوا الإسلام بالقوة.
ولم يكن الفقهاء والمفسرون الذين حرفوا مراد الله في آيات القتال التي فُرضت في مرحلة استثنائية وفي مواجهة العدوان على المسلمين أثناء دعوة الرسول الأمين الناس لرسالة الإسلام أن يكونوا صادقين مع الله، ومع المسلمين بتوضيح قوله سبحانه مخاطباً رسوله الأمين: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (يونس:٩٩)، ليظل المسلمون في قتال دائم مع الناس، معتقدين ذلك التشريع المؤقت وما اقتضته ضرورة المواجهة مع أعداء الدعوة وأصحاب الباطل فى مرحلة اقتضتها ضرورات الدفاع عن النفس، وقد انتهى مفعول تلك التشريعات بتشريعات أخرى أنزلها الله على رسوله لمرحلة جديد للدعوة الإسلامية، ولكن ذوي الأهداف الخبيثة التي تسعى لتشويه رسالة الإسلام رسالة الرحمة بخداع المسلمين، ذلك باتخاذ آيات القتال التي وردت في سورة التوبة على أنها تشريع للمسلمين لكل العصور حتى قيام الساعة، من أجل تشجيع المتطرفين على الاستناد عليها في قتل الأبرياء وتدمير المدن والتهجير القسري للنساء والأطفال، لتتبقى الفتن مستمرة وإبعاد الناس عن اتباع كتاب الله الحكيم ليظلوا في صراع دائم مع الفئات الضالة التي تثير الفزع والإرهاب فى المجتمعات الإسلامية، والذين سخرتهم أجهزة المخابرات الدولية لإسقاط الأنظمة العربية لتحقيق مآرب الصهيونية وإشغال المسلمين بقضايا لا تتفق مع التشريع الإلهي، لترسيخ تلك الأفكار المريضة والمتآمرة على الإسلام، والحاقدة على ما يدعو إليه من رحمة وعدل وحرية العقيدة، وتحريم الاعتداء على الناس وتحريم أكل أموال الناس، واستباحة حقوقهم وأراضيهم وقتل للأبرياء؛ حيث أقنعوا المتطرفين والإرهابيين بعقيدة ضالة وفاسدة، وأنهم بتلك الجرائم التي يرتكبونها ضد الإنسانية يجازيهم الله بالجنة، ويغفر ذنوبهم وينتظرهم الحور العين في الجنة لاستقبالهم.
إن تأصل ذلك الفهم الوهمي وتجذره في قلوبهم واقتناع العقول المريضة به والبائسة اليائسة من الحياة، فوجدوا البديل فى الوهم الذي تم تغذيته لعقولهم من علماء السوء ملجاً ومخرجاً لتحقيق خيال مزعوم تمكن في نفوس شقية ساقها الشيطان للشر والإجرام.
فلينظر المفكرون كيف استطاع الفقهاء والمفسرون ارتكاب أبشع جريمة ضد كتاب الله فى تضليل المسلمين عن حقيقة مراد الله من آياته حينما اسقطوا التشريع الإلهي الذى أنزله الله على رسوله فى بداية القرن الأول الهجري، وتخويل الرسول عليه السلام تنفيذ ما جاءت به.
فلينظر المفكرون كيف استطاع الفقهاء والمفسرون ارتكاب أبشع جريمة ضد كتاب الله فى تضليل المسلمين عن حقيقة مراد الله من آياته، حينما اسقطوا التشريع الإلهي الذى أنزله الله على رسوله فى بداية القرن الأول الهجري، وتخويل الرسول عليه السلام تنفيذ ما جاءت به التشريعات الاستثنائية لمواجهة الهجمة الشرسة والمنظمة ضد دعوة الإسلام بتشريع إلهي لمرحلة تطلبتها الضرورة، وقد ارتكب بعض الفقهاء والمفسرون جريمة لا تغتفر في قوله سبحانه: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)(الصف: ٨)، وقوله سبحانه يخاطب رسوله الكريم: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (البقرة: ١٩٠)، وهذه الآية الكريمة تؤكد التشريع الإلهي الذي يمنح الحق الكامل للإنسان في الدفاع عن نفسه وعرضه وماله وأرضه وحقه، بكل الوسائل المتاحة لصد العدوان وردعه، وأن يلتزم بعدم الاعتداء بأي شكل على أي إنسان دون وجه حق، تلك بعض الآيات التي تضمنت تشريعاً إلهياً يتوافق مع مرحلة تاريخية جديدة تتطلب عرض رسالة الإسلام على الناس، حيث إنه في حجة الوداع للرسول -عليه السلام- بلغ الناس أنه أتم الدعوة، وبلغ الرسالة لبناء مجتمع إنساني يقوم على الإيمان بالله الواحد الأحد واتباع ما أنزله الله على رسوله الأمين من آيات في الكتاب الحكيم؛ تنظم العلاقات الإنسانية بين عباده على أساس الرحمة والعدل والحرية والسلام والإحسان وتحريم قتل النفس البريئة، وتحريم الاعتداء على الناس في حقهم المطلق في الاختيار في الدخول في دين الإسلام من عدمه دون إكراه وتعسف وتكليف الله لرسوله الكريم يأمره بقوله سبحانه: (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ) (الرعد: ٤٠).