
تصويب الخطاب الإسلامي(2)..الحلقة الثانية من كتاب ومضات علي الطريق ( المسلمون بين الآيات والروايات) للمفكر العربي علي محمد الشرفاء
أعزاءنا القراء من جديد نواصل معكم نشر الجزء الثالث من كتاب ومضات علي الطريق(المسلمون بين الآيات والروايات) للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، وفي هذه الحلقة الثانية من تصويب الخطاب الإسلامي ، نستعرض معكم بعض ما كتبه المؤلف، وسنوالي معكم النشر ضمن سلسلة من الحلقات.
وفي هذا الجزء يستعرض المؤلف القرون الماضية التي مرت على المسلمين في صراع وقتال، وكيف تفرقوا إلى فِرَق وطوائف ومذاهب، كل له مذهبه وخطابه الخاص به يدافع عنه حتى الموت، ويعتبره مرجعيته الوحيدة في عبادته وعقيدته التي أنتجت أمثال داعش والقاعدة والإخوان، والقرامطة والحشاشين والخوارج وكثير من الفرق الضالة؛ يقتلون الأبرياء ويفسدون في الأرض ويحاربون الله ورسوله يعتمدون في عقائدهم على فتاوي فاسدة وروايات شيطانية مزورة، وكاذبة وإسرائيليات حاقدة يخيفها انتشار رسالة الإسلام وما تحمله من قيم سامية تحترم الإنسان، وحقه في الوجود والحرية، وتمنع استغلاله واستعباده لنهب ثرواته والتحكم في أمور حياته وإلي نص ما كتب المؤلف.
تصويب الخطاب الإسلامي (2)
إن الدعوة التي دعا إليها سيادة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، من أجل إعادة النظر فى المناهج الدينية في المؤسسات العلمية، ومعرفة أسباب نمو الفكر المتطرف ومرجعياته، الذي يدعو لقتل الأبرياء وينشر الكراهية باسم الإسلام دون أن تجد دعوته أي تجاوب من المؤسسات الدينية التي ترعرع فكرها واستمدت مناهجها فى اتخاذ الروايات والإسرائيليات والأساطير بمعزل عن الخطاب الإلهي للناس، الذى أنزله الله على رسوله الكريم في كتاب مبين، لتبليغ الناس بمقاصد آيات القرآن الكريم لمنفعة الناس، ليتحقق لهم الأمن والسلام والعيش الكريم، ترفرف عليهم الرحمة والعدل والألفة والإحسان المرجعية الأساسية لرسالة الإسلام، والدعوة بعد ما تخلى عنها الفقهاء المفسرون الأقدمون والتي حتى الآن مازالت معتبرة فتاويهم وكونها مرجعيات مقدسة لا تمس أو تنتقد، أو تصحح حين أصبحت الروايات منهجاً مقدساً للمعاهد الدينية، فاستحكمت بعقولهم وسيطرت على أفكارهم فلا سبيل للتحرر من سمومها حين طغت الروايات على الآيات.
والسبب تعدد الخطاب الديني وتناقضاته مع المرجعيات المذهبية، والتي تتمثل فيما يلي: (الخطاب الوهابي والخطاب الشافعي والخطاب التكفيري والخطاب الحنفي والخطاب الإخواني والخطاب المالكي والخطاب الحنبلي والخطاب الأشعري والخطاب الإباضي والخطاب الشيعي)، إضافة إلى تعدده لدى عقائدهم وغيرها من المرجعيات التي لا تعترف ببعضها في رواياتهم وتشريعاتهم.
وأمام تعدد الخطاب الديني، فإن الأمر يحتاج إلى معجزة إلهية لتصحيح مسار رسالة الإسلام رسالة الرحمة والسلام، والله يدعونا لأقصر الطرق للوصول إلى طريق الحق الذى يصحح الفكر المستوحى من التحريف والتزوير، والافتراء على الله ورسوله بواسطة الروايات الشيطانية لن يتحقق إلا باتباع ما ذكرته الآيات السابقة فى خطاب التكليف الإلهي للرسول الكريم أعلاه.
ومن أجل معالجة إشكالية تعدد المرجعيات الإسلامية المختلفة والمتناقضة والمتصارعة في الماضى والحاضر، علينا البحث المتجرد والمخلص لمعرفة سبيل إنقاذ رسالة الإسلام مما شابها من تشويه واعتداء ظالم، ساهم فيه كثير من المجتهدين السابقين والفقهاء الذين استقلّ كل منهم بمذهبه ومصادر تشريعه، فتفرق المسلمون إلى طوائف وجماعات تقاتل بعضها البعض على مدى أربعة عشر قرنا، سقط في معاركهم مئات الآلاف المسلمين الأبرياء، وهدمت المدن والقرى، وساد الظلم والقهر والاستبداد، وقد بين لنا الله سبحانه الطريق المستقيم والمختصر في الآية المذكورة أعلاه اتباع كتابه القرآن الكريم، وعدم اتباع غيره منهجاً يضيء للناس دروب الحياة بالخير والصلاح، يحقق لهم الأمن والاستقرار والسلام يتحقق به للناس العيش الكريم.
ويبقى السؤال الٌملح: كيف يتحقق حل تلك الإشكالية من أجل اتباع مرجعية واحدة تعتمد على خطاب واحد؟.. من المستحيل توحيد المرجعيات المذكورة أعلاه، فإنه ينبغي اتباع خطاب واحد يتوفر فيه كل ما ينفع الناس ويحمى حقهم في الحياة ويحقق لهم الأمان والاستقرار، يدعو الناس للرحمة ويأمرهم بأن يحكموا بالعدل، ويُحرّم الاعتداء على الناس وقتل النفس إلا بالحق، ويمنح الناس، حرية الاختيار في عقائدهم، ويرسم خارطة الطريق لحياتهم، ويدعوهم للتمسك بالفضيلة والأخلاق الكريمة دون استعلاء على الناس، ويأمرهم بنشر السلام والتعاون فيما بينهم، ويدعوهم لتعمير الأرض والاستفادة من الاكتشافات والعلم لاستغلال كنوز الأرض لمصلحة الإنسان ليتحقق له العيش الكريم ويسعى لعبادة الله ويعمل لتأمين رزقه يحمي أسرته ويرعاها.
إنه الخطاب الذي ينظم العلاقات الاجتماعية على أساس من الرحمة والعدل ويحقق المساواة بين الناس الغني والفقير القوي والضعيف أمام العدالة سواء لا ميزة لإنسان على غيره إلا العمل الصالح وما ينفع الناس.
الخطاب الواحد من إله واحد يبلغه إمام واحد محمد بن عبدالله عليه السلام رسول الله للناس ليدخلوا في دين الإسلام ويؤمنوا برسالته التي تحمله الآيات البينات في قرآن كريم.
وقد وضع الله سبحانه في كتابه الكريم المنهج الإلهي لاتباع الطريق المستقيم في قوله سبحانه:
القاعدة الأولى: خطاب الهدى:
الم«١» ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ «٢»الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ «٣» وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ «٤» أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ«٥») (البقرة: ١-٥)
القاعدة الثانية: وحدة الرسالة
(قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (البقرة: ١٣٦).
(آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (البقرة: ٢٨٥).
القاعدة الثالثة: التكليف الإلهي
(المص «١» كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الأعراف: ١-٢).
القاعدة الرابعة: التذكير بالقرآن
( نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ)(ق: ٤٥).
القاعدة الخامسة: أسلوب الدعوة
(ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل: ١٢٥).
القاعدة السادسة: وحدة الخلق والبشر
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ (النساء: ١).
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات: ١٣).
القاعدة السابعة: حرية الاعتقاد
( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (يونس: ٩٩).
(فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ «٢١» لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ «٢٢») (الغاشية: ٢١-٢٢).
(وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) (الكهف: ٢٩).
القاعدة الثامنة: إن الحكم إلا لله
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (الحج: ١٧).
القاعدة التاسعة: لا وصاية على عقائد الناس
(وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ۗ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ) (الأنعام: ١٠٧).
القاعدة العاشرة: (صفات المسلم )
(١) (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (البقرة: ١٧٧).
(۲) (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (القصص: ٧٧)
القاعدة الحادية عشر: ( طريق السعادة وطريق الشقاء)
(قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ«١٢٣» وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ«١٢٤» قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا«١٢٥» قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ«١٢٦») (طه: ١٢٣-١٢٦).
القاعدة الثانية عشر: الوعد الإلهي
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ«٣٠» نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ«٣١»)(فصلت:٣٠-٣١).
ولذلك واختصاراً للجهد وتوفيراً للوقت، واستعراضًا للقرون الماضية التي مرت على المسلمين في صراع وقتال، تفرقوا إلى فِرَق وطوائف ومذاهب، كل له مذهبه وخطابه الخاص به يدافع عنه حتى الموت، ويعتبره مرجعيته الوحيدة في عبادته وعقيدته التي أنتجت أمثال داعش والقاعدة والإخوان، والقرامطة والحشاشين والخوارج وكثير من الفرق الضالة؛ يقتلون الأبرياء ويفسدون في الأرض ويحاربون الله ورسوله يعتمدون في عقائدهم على فتاوي فاسدة وروايات شيطانية مزورة، وكاذبة وإسرائيليات حاقدة يخيفها انتشار رسالة الإسلام وما تحمله من قيم سامية تحترم الإنسان، وحقه في الوجود والحرية، وتمنع استغلاله واستعباده لنهب ثرواته والتحكم في أمور حياته حيث تتعارض مع فلسفة بني إسرائيل، وحبهم للتسلط والتحكم في أموال الناس واستغلالهم دون رحمة.