التسامح والاحترام يحقق الأمن للإنسان..بقلم المفكر العربي علي محمد الشرفاء
أولًا لم يمنح الله أي إنسان حق التشريع في جميع الأديان بل دعوة الله للناس جميعاً أن يعيشوا في الحياة الدنيا في أمن وسلام ومحبة وتعاون على البر والتقوى، ونهى الله سبحانه عن التعاون على الإثم والعدوان.
وكل الموروث والتقاليد البالية لدى المسلمين لا تمت بصلة لرسالة رب العالمين، رسالة الرحمة والتسامح والمحبة والتسابق في الخيرات ومحاربة الكراهية والأحقاد والكبرياء والتعالي على الناس، فكل الناس سواسية أمام الله وأمام القانون، فلا ميزة لقوم على غيرهم، والله بواسطة رسوله عليه السلام بين لهم أنهم جميعاً إخوة في الخلق، كما وضحه فى الكتاب المبين قول الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ) النساء (١).
فنحن أشقاء فى الخلق، أمرنا الله سبحانه بنشر السلام والتعاون فيما بين الناس جميعاً في أمره سبحانه للناس جميعاً بقوله: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ) المائدة (٢).
ودعا الله كل الناس للدخول في السلم كافة فى تشريعاته بقوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) البقرة (٢٠٨).
وهذا التشريع والأمر الإلهي للناس جميعاً يحذر الناس أن كل من يدعو للكراهية من الناس جميعاً لقد اتبع خطوات الشيطان، وقد كلف الله رسوله عليه السلام بإبلاغ الناس بأمره سبحانه: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا) الإسراء (٥٣).
كما أمر الله سبحانه الناس جميعاً بإفشاء السلام في قوله بما نطق عنه رسول الله: (وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا) النساء (٨٦) .
لقد وضع الله في كتابه الكريم قواعدًا لسلوك المسلم، ومن يخالف تلك القواعد الأساسية في معاملة المسلم من الناس فقد نقض عهده مع الله ولم تعد له صلة بالإسلام، فالإسلام نظام إجتماعي وقواعد للسلوك والمعاملات يستهدف أن يعيش الناس جميعاً في مجتمعاتهم إخوة متحابين ومتعاونين يحترم بعضهم بعضاً ويدافع كل منهم عن حق الإنسان في إختيار دينه ومذهبه ونمط حياته، فالله خلق الناس أحرارًا، فلم يعين وصيًّا ليراقب الناس في أديانهم ويفتش عليهم في أداء شعائرهم.
ألم يحترموا التشريع الإلهي الذي وضعه الله للناس في آيات القرآن الكريم ومنح كل الناس الحرية المطلقة في إختيار الدين الذي يرتضونه، حيث تظل تلك العلاقة علاقة فردية بين الله وبين الإنسان، ونهى الله سبحانه أن يتدخل أياً كان فى عبادة الآخرين، فكل إنسان مسؤول عن نفسه أمام الله!
وقد وضع الله تشريعاً لحرية الإختيار للناس فى أديانهم ومذاهبهم في قوله سبحانه الذي بلغه الرسول للناس أمر ربهم: (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) الكهف (٢٩).
حتى الرسول عليه السلام عرَّفه الله بمهمته فى حمل الرسالة، فخاطبه ربه بقوله سبحانه: (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ ۖ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ ۚ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا) الإسراء (٥٤).
فإذا كان الله لم يعطِ رسوله حق الوكالة على الناس في إختيار دينهم، لتظل العلاقة بينهم وبين الله مباشرة دون وسيط من الأحبار أو القساوسة أو شيوخ الدين، فالله أقرب للناس من حبل الوريد، ويعلم ما فى السماوات والأرض، ولا يحتاج لوكلاء ينوبون عنه على الناس فى الأرض، أو وكلاء مُكلَّفون بمراقبة عبادتهم، وأوصياء من الله على عباده، فليتوقف كل الذين نصَّبوا أنفسهم حماةً للأديان ووسطاء عند الله كلما احتاج الناس للتواصل مع ربهم، في الوقت الذي يدعو الله سبحانه كل الناس مخاطباً رسوله ليبلغهم بقول الله: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) البقره ( ١٨٦).
كما أن الله سبحانه لم يمنح الرسل والأنبياء صلاحية التشريع فى التحليل والتحريم في كل ما يتعلق بالرسالات التى أرسلها الله سبحانه للناس من نوح إلى محمد خاتم الانبياء والمرسلين، وقد حذَّر الله سبحانه كل الناس بعدم التدخُّل في تشريعاته بقوله: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) النحل (١١٦).
فالذين يحرمون التهنئة للإخوة المسيحيين في أعيادهم المختلفة إنهم يخالفون التشريع الإلهي الذى يدعو الناس جميعاً لنشر السلام والتسامح والتراحم فيما بينهم، والتعاون لما يحقق مصلحة الناس فى مجتمعاتهم، ليحقق لهم الأمن والسلام والحياة الطيبة.
لقد وصف الله سبحانه أولئك الذين تجرأوا على أن يشرعوا كذباً ويفترون على الله؛ حين يفتون فتاوى شيطانية بالتحريم تسبب الفتن والقلاقل والصدام في المجتمعات الإنسانية ولابد من فهم رسالة الإسلام أنها رسالة سلام لكل الناس، يعلوها أحد أسماء الله الحسنى (السلام)، ولذلك فإن كنا مسلمين حقاً علينا التمسك بكتاب الله وآياته التي تدعو الناس جميعاً لكي يعيشوا حياتهم في أمن وسلام.