الكرامات والأولياء..بقلم المفكر العربي علي محمد الشرفاء
الله سبحانه وحده يعلم المتقين والمكرمين عنده، بما آمنوا (وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (البقرة: 285)، ولا يملك أي إنسان أن يحكم على غيره بالصلاح أو بالفسوق، الحكم لله وحده، فماذا يقول الشيخ في قول الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات: 13).
أما الإنسان فمعرفته محدودة، ولا يستطيع معرفة الباطن، وهو وحده الذي يصف نفسه بقوله: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) (غافر: 19).
هل الشيخ يستطيع أن يحكم على نفسه، هل هو من الأولياء الصالحين، ويكون من أصحاب الجنة أو يتحول بإعماله التي يقيمها بنفسه من أعمال الصالحات والتقييم الإلهي يحكم الله عليها بالسيئات ويكون من أصحاب النار بموقف أو بكلمة نابية أو بنميمة أو بأي عمل لا إرادي؟.. فلا يستطيع أي إنسان أن يحكم لنفسه من الصالحين.
فإذا كان الإنسان قاصراً، معرفة نفسه، فكيف يستطيع أن يعرف غيره من الصالحين؟
ألم نقرأ كثيراً من العابدين نذروا أنفسهم للاعتكاف في المساجد ثم كشفتهم المواقف أنهم كانوا من المجرمين وأمثالهم جماعات الإخوان، وداعش، والمتسلفين، والقاعدة، فهم يقتلون الأبرياء بغير حق، ويتسابقون للمساجد يلبسون ملابس الزاهدين ويحملون في نفوسهم قلوباً قاسية سوداء، يحرمون ما أحل الله ويحلون ما حرم ويصفهم الله سبحانه: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم ۚ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا) (النساء: 49)، وقول الله سبحانه: (..فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ) (النجم: 32).
وكثير من الدجالين الذين يخدعون الناس بالتحايل باسم القرآن تارة وباسم الروايات الموصوفة بالأحاديث، يصدقونهم الناس، ويتحدثون بالأساطير ليسوقوا قدراتهم الأولياء للواهمين، بأن قادرين أن يشفون المرضى، وقادرين على تغير الأقدار، ودعواتهم لا ترد من عند الله، فدعاءهم مستجاب، وهم أهل الكرامات والأولياء الصالحين الواصلين، ولم يتذكروا ما نطق به عن ربه الرسول الأمين معرفاً بنفسه وقدراته بقوله: (قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (الأعراف: 188).
فإذا كان الرسول عليه السلام متصل بالوحي الإلهي، يعرف نفسه بأنه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرًا، ولا يعلم الغيب، فكيف لإنسان أن تكون له القدرة باستخدام آيات القرآن بشفاء الناس ويحقق لهم ما ينفعهم في الحياة الدنيا؟ الله بين الناس قوله سبحانه بما نطق به لسان رسوله: (قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة: 100).