
«الحقيقة والواقع» الحلقة الحادية والثلاثون من الجزء الثاني من كتاب ومضات علي الطريق للمفكر العربي علي محمد الشرفاء
أعزاءنا القراء.. من جديد نواصل معكم نشر الجزء الثاني من كتاب ومضات علي الطريق، وهو عبارة عن مقترحات لتصويب الخطاب الإسلامي للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، وجاءت الحلقة الحادية والثلاثون بعنوان « الحقيقة والواقع» .. يتحدث فيها المؤلف عن وضوح الآيات في القرآن الكريم والتحذير الإلهي للناس من ضرورة اتباع كتابه المبين، مشيرا إلى أنَّ المتآمرين على رسالة الإسلام، ابتكروا روايات وإسرائيليات وأساطير خُرافية لا تتفق مع كتاب الله أو المنطق، من أجل أن يصرفوا الناس عن القرآن الكريم، مؤمّلا في المؤسسات الدينية أن تتولى تلك المهمة، ومُطالبا بإعادة النظر في مناهجها التي باتت مفرخة للمتعصبين والمتشددين، لتتفق مع الدعوة إلي تصويب الخطاب الديني واللجوء إلى الأخذ بالخطاب الإلهي كمرجعية أبدية، لأنَّ القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي أنزله الله -تعالى- على رسوله، وإلى نص ما كتب المؤلف.
الحقيقة والواقع
تتناول منصات الإعلام حاليًا ، وبكل أنماطها وتوجهاتها، مُصْطَلَح حقوق الإنسان، وكأنه ترنيمة يعلو صوتها ويخفت حسبما تقتضي ذلك المصالح الذاتية والآنية.
وانحصر مفهوم حقوق الإنسان في المظاهرات من أجل الفوضى التي تؤدي إلى إسقاط الأنظمة، تلبية لمطالب ومصالح ، ودول، تحت شعار حقوق الإنسان وحرية التعبير وحق التظاهر، وهي في نفس الوقت لا تحترم حقوق الإنسان كافة على الإطلاق، وإنما يتم توظيف الجهلة والمُغَرَر بهم والمنتفعين من المساعدات المالية ليمارسوا أعمالا لا تتفق مع أبسط ما تنادي به من أجل حقوق الإنسان.
ويبرز سؤال :
• أين حقوق الإنسان من حرق المؤسسات العامة، وتخريب المتاجر، وتشويه رموز التراث، وحرق المكتبات والمتاحف؟
• وكيف يتفق هذا السلوك مع احتياجات الذين ينادون زورًا بأن ما يحدث من أجل مصلحة المواطنين؟
• هل مصلحة المواطن في تدمير مؤسساته وتدمير وطنه ونشر الفوضى والخوف لأشقائه وأهل بلده؟
• أليست حقوق الإنسان كامنة وراسخة في تأمين التعليم والسكن والرعاية الصحية والدخل المجزي لتأمين حياة لائقة للناس؟
ولن يكون منطقيًا أن تُخْتَزل حقوق الإنسان في المظاهرات العبثية، فتلك دعوة باطلة لإثارة المواطنين، والتحريض على الشَّغَب، وتهديد الأمن والإستقرار، نتيجتها شر مستطير وعواقبها وخيمة، وبالتالي ضياع حقوق الإنسان في أمنه وما يترتب عليه من حرق للمؤسسات العامة المملوكة للدولة، وضياع ممتلكات الناس من مساكن ومتاجر وخلافه.
ويقف المشهد الإعلامي عاجزًا ينقصه الرُشد والمسؤولية، والوعي بمتطلبات المرحلة التاريخية التي يجتازها العالم العربي، إزاء تفسير الظواهر المتوالية والأفكار المُعلبة المدمرة والمشتتة لعزائم الأجيال، وبأيدٍ عربية وليس بأيدي الأعداء، حين يقدم بعض إعلاميي بلادنا العربية أوطانهم لقمة سائغة لأعدائنا، ويشاركونه في تضليل الشباب وتشجيعهم على المظاهرات والفوضى مهددين أمن الوطن واستقراره.
ومما يزيد الألم والحسرة، أنه لا توجد سياسة إعلامية على مستوى الوطن العربي.
ولأن معظم الإعلاميين غَرْقى في قوافل التطبيل والنفاق، بين نقد جارح وإساءة للمسؤولين، وبهذا ضَلَّ الإعلام الطريق في وقت تَحَوَّل مُقَدِّم البرامج وكأنه العالم بكل بواطن الأمور، وباللفظ العامي المصري (أبو العُريف)، غير أنه مما يزيد الطين بله منح الميكروفون لمن هب ودبّ كي يتحدث في أمور ليست من اختصاصه، وحينها يختلط الحابل بالنابل وتضيع الحقيقة، ويغدو المتلقي مشتت الفكر، لا فائدة ترجى يسمع ولا جدوى منها يتوقع بل تتزاحم الظلال وتزداد الظلمة سوادًا ليتراجع الوعي، ويصبح المواطن سهل التأثير عليه من القوى الخارجية المتربصة به، لتقوده الى ما يحقق مآربها.
وإزاء هذه الصورة المتشابكة الظلال، تبرز أهمية تصويب الخطاب الديني (وليس تجديده بالإعتماد على مرجعية القرآن الكريم فقط، لأن رسالة الإسلام كفلها كتاب حكيم فالله وحده صاحب الرسالة، ومحمد (ﷺ) مكنه بتبليغها للناس جميعًا، جُمِعَت في آيات الذكر الحكيم، التشريع والمعاملة والأخلاق والفضائل، وقصص الأمم السالفة لتكون درسًا للأمم حتى لا تظلم أمة أو تطغى على غيرها، فالله سبحانه وتعالى) يحذر الناس من اقتراف الظلم، كما حل في الأمم السابقة، ولو أن المسلمين اتبعوا حقًّا رسالة الإسلام، لاستطاعوا أن يعيشوا في أمن واستقرار وسلام وترفرف في سمائهم رحمة الله وبركاته.
ولتصويب الخطاب الديني ينبغي اتباع كلام الله تعالى في وقت -وللأسف- نجد كثيرًا من الناس بدلا من أن يتَّبعوا كلام الله الحق، هم يتَّبعون كلام عباد الله، فضلوا الطريق وتعددت المرجعيات ونشأت الطوائف، وحل الصراع والاقتتال، لأنهم نسوا ذكر الله تعالى وانصرفوا عن كتابه، فسلط عليهم عذابه، وما انتبهوا إلى قوله تعالى: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ «١٢٣» وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ «١٢٤» قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا «١٢٥» قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ «١٢٦») (طه: ١٢٣-١٢٦).
وللتصدي لهذه الحالة البائسة، كان المؤمّل في المؤسسات الدينية أن تتولى تلك المهمة، ولكنها باتت مفرخة للإرهابيين والمتطرفين، لأنها اعتمدت في مناهجها على أقوال وروايات بشرية لا تمت إلى الإسلام بصلة، مع أنَّ رسالة الإسلام رسالة الرحمة والعدل والحرية والسلام، ولكن تلك الروايات المزيفة خلقت الفتن والكراهية وعززت مفهوم الإقصاء، بينما يدعو الله تعالى إلى المحبة والتراحم والتعاون والتكافل، وعليه فإنَّ هذه المؤسسات الدينيه مُطالبة بإعادة النظر في مناهجها، بل نسفها، لأنها تدعو إلى الضلال والفتنة والاقتتال.
وفي هذه المناسبة نكرر دعوتنا إلى تصويب الخطاب الديني واللجوء إلى الأخذ بالخطاب الإلهي كمرجعية أبدية، لأنَّ القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي أنزله الله -تعالى- على رسوله وامره بتبليغ رسالته للناس، بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ «٦٧») (المائدة).
وقد حصر التكليف الإلهي مهمة الرسول (ﷺ) في حَمْل الرسالة وتبليغها للناس وشَرْح مراد الله تعالى من آياته لهم بلا زيادة ولا نقصان بحرفٍ واحدٍ فيها، كما حدد الله تعالى له اسلوب الدعوة بقوله تعالى: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ «١٢٥») (النحل).
كما أمره أن لا يعتبر المهمة الإلهية له وصاية على الناس، فهم أحرار في عقائدهم وحسابهم عند الله، تأكيدًا لقوله تعالى: (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ «٢٩») (الكهف).
وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا «٥٤») (الإسراء) فمهمة الرسول (ﷺ) ومسؤوليته اقتصرت على البلاغ فقط.
إنَّ كثيرًا مما نُسِبَ إلى الرسول الكريم من روايات قد تم إعدادها وفق مخطط جهنمي لكي يُغرقوا العقول في متاهات الروايات، لتتصارع المرجعيات، ولكل منها رواتها، تتمزق الأمة وتتحول إلى طوائف وجماعات متفرقة، يقتل بعضهم بعضًا بسبب ما جاءت به تلك الروايات الموضوعة والمكذوبة، وأساطير الإسرائيليات التى استحكمت في العقول وكثيرًا ما كان يُؤخَذ بها دون الآيات المُحكمة من رب العالمين.
وبها ارتهنت العقول، وران على الأذهان فكر «هجين» وقدست أفكاره ومصطلحاته إلى أن وصل المضللون إلى حد الخلط والتيه في المفاهيم.
تلك هي المؤامرة الشيطانية لصرف العرب بالذات عن كتاب الله الذي يدعوهم إلى الوحدة والتكاتف والتعاون والحرية والسلام واجتناب الإعتداء على الناس، وعلى حقوقهم وعدم اغتصاب أموالهم واحتلال أوطانهم وعدم قتل النفس البريئة.
إنَّ رسالة الإسلام رسالة الإخاء والمحبة والتعاون بين الشعوب في مختلف مناحي المعمورة، فالله سبحانه وتعالى يقول: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ «١٣») (الحجرات).
وقال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ «٢») (المائدة).
ولتشخيص ما آلت اليه أمور الأمة وأسباب تراجعها، فلابد من تبيان الأسباب التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه الآن، فقد استطاع أبالسة البشر أن يُكيفوا الروايات باستخدام مصطلح سُنة الرسول (ﷺ) لكي يحدث تصادم بين مباديء القرآن الكريم وما ينفع الناس وبين الروايات المنسوبة للرسول (ﷺ)، لغرض خبيث يهدف صَرْف المسلمين عن كتاب الله، وإبعادهم عن رسالة الإسلام لزرع الفتن بينهم فيتخلفون عن ركب الحضارة الإنسانية.
ومع العلم بأنَّ الله -سبحانه وتعالى- أنزل أول سورة على رسوله الكريم كانت: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ «١» خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ «٢» اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ «٣» الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ «٤» عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ «٥») (العلق: ١-٥).
أليست تلك الآيات دعوة للعلم والقراءة والتفكير في خلق السموات والأرض واستكشاف كنوز الأرض لتسخيرها لتعمير الأرض وخدمة الإنسان، أليست تلك معصية في أن يتخلى العرب والمسلمون عن أوامر الله تعالى التي تدعوهم إلى الأخذ بالعلم والبناء والتطور؟
ألم يكن من المفروض أن يقود العرب بالنور الإلهي (كتاب الله) الحضارة الإنسانية وأن يكونوا سبّاقين إلى تطبيق العدل والحرية والمساواة والسلام وحماية حقوق الانسان في الحياة والعيش الكريم؟
ألم يستطع العرب بعلمائهم أن يفرقوا بين القول والعمل؟ ألم تكن سُنة رسول الله (ﷺ)، هي القدوة الحسنة في المعاملة والعبادات والسلوك القويم الذي وصفه الله تعالى به بقوله: (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ «٤») (القلم)؟
أين أخلاق المسلمين من أخلاق رسولهم الكريم؟ وكما وصفه الله تعالى بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ «١٠٧») (الأنبياء) .
فأين الرحمة في قلوب العرب والمسلمين؟، يقتلون الأطفال والنساء والرجال، دون ذنب اقترفوه، ويجزّون أعناقهم باسم الإسلام.
تلك هي أسباب الروايات التي يرفض الجهلة والأغبياء أن يتخلوا عنها، ويعودوا إلى كتاب الله الكريم، الذي كما قال تعالى: (لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ «٤٢») (فصلت).
وهم كما قال سبحانه وتعالى: (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ «٣٢») (التوبة).
وقال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ «٢٣») (آل عمران).
وفي إيجاز نوضح مهمة الرسول الكريم فيما يلي:
أولا: إختار الله -تعالى- محمدًا (ﷺ) من بين عباده وأعده لحمل رسالة الإسلام للناس جميعًا.
ثانيًا: أنزل عليه الخطاب الإلهي وأمره بإبلاغه للناس وشرح مقاصد آياته لمنفعة البشر وصلاحهم.
ثالثًا: كلّفه بتبليغ الرسالة بالحكمة والموعظة الحسنة ومجادلة الناس بالتي هي أحسن.
رابعًا: حدّد مسؤوليته في قوله تعالى: (وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ «٤٠») (الرعد).
وتكليفه لا يعني أن يكون على الناس وصيّا أو وكيلًا عن الله في الأرض تأكيدًا لقوله سبحانه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا «٥٤») (الإسراء).
خامسًا: تضمّن القرآن الكريم قواعد التشريع الإلهي للناس لتكون مرجعية في استنباط تشريعاتهم بما يتفق وعصرهم الذي يعيشون فيه ودوافعهم، وخاطبه بقوله : (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۗ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ «١٠٨») (آل عمران).
مما تعني هذه الآية أن لا حديث بعدها ، وقوله تعالى: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا «٨٧») (النساء).
لقد كلّف الله -تعالى- رسوله الكريم بتبليغ الناس خطابه الإلهي وأن يتبعوا آياته، وقد بلغ الناس في حجة الوداع بقوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا «٣») (المائدة).
مما يعني استكمال الرسالة ولن تحتاج إلى إضافة بشرية لا من رسول ولا من عالم ولا ممن يروي روايات مدسوسة ومنسوبة إلى الرسول (ﷺ)، والله يريد من عباده أن يتمسكوا بكتابه فقط تأكيدًا لقوله: (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ «١٢٣» وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ «١٢٤») (طه: ١٢٣-١٢٤).
وقال تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ «٣١») (آل عمران).
وعلى الرغم من وضوح الآيات في القرآن الكريم والتحذير الإلهي للناس من ضرورة اتباع كتابه المبين إلا أنَّ المتآمرين على رسالة الإسلام، إبتكروا روايات وإسرائيليات وأساطير خُرافية لا تتفق مع كتاب الله أو المنطق، من أجل أن يصرفوا الناس عن القرآن الكريم، وما فيه من خير للناس في الدنيا ومن مواعظ تحقق لهم الأمن والسلام من الفتن وقتل الناس للناس، بل يريدهم الله أن يعيشوا إخوانا متعاونين لما يحقق مصلحتهم وسعادتهم.
ولذا يشتكي رسول الله (ﷺ) أتباعه بقوله تعالى: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا «٣٠») (الفرقان).
فقد هجر المسلمون القرآن وتركوا النور الذي يضيء لهم الحياة الدنيا واتبعوا سُبُل الشياطين فأضلوهم ولن يجدوا من ينقذهم يوم القيام لا نصرافهم عن كتاب الله.
لقد تاه المسلمون في ظلمات الروايات المسمومة وبلغ الجهل في مروجيها، أن وصفوا الروايات فوق مستوى الآيات وآمنوا بما تقول به أهل الروايات المسمومة، واعتبروها من رسالة الإسلام فويل لهم من يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون. غير أنه بإذن الله -تعالى- سوف تتبدد الظُلمة ويسطع نور القرآن على الأرض وستهرب الثعالب إلى جحورها وستعلوا كلمة الله والله على كل شيء قدير.