المواجهة أم الموعظة الحسنة..بقلم المفكر العربي علي محمد الشرفاء
دعوة الله الناس بدخولهم للإسلام حيث كلف الرسول الأمين بحمل رسالة الإسلام ليبلغها للناس ويدعوهم للدخول لدين الإسلام بما أمره سبحانه في إتباع أسلوب السلام في دعوته كما خاطب رسوله بقوله: ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) النحل (١٢٥).
ثم أكد الله لرسوله تمشيا مع أهداف رسالة الإسلام ليبلغها للناس بالحسنى دون إكراه وصدام وقتال حيث خاطب رسوله بقوله ؛ ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) يونس (٩٩).
ثم كلف الله الرسول الأمين بأن يبلغ الناس حكمه في دخول الناس في الإسلام وحقهم في حرية الإختيار
إذا إطمأنت قلوبهم وأدرك الناس مقاصد الخير والسكينة في آيات القرآن الكريم فقال له سبحانه : (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) الكهف (٢٩).
ثم بين للرسول مهمته في خطاب التكليف الإلهي بتبليغ رسالته للناس في قوله سبحانه مخاطبا؛ (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ ۖ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ ۚ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا) الإسراء (٥٤).
بالإشارة إلى الآيات المذكورة أعلاه شرع الله دعوته للناس بواسطة رسله وأنبيائه بدعوتهم بالحسنى ومن لم يقتنع بدعوة الدخول في الإسلام فلا يترتب على الممتنع أية عداوة أو كراهية أو التهديد بمختلف الوسائل العدوانية ليدخل الإسلام عنوةً ذلك مما يخالف شرع الله ويصبح من يتجاوز شرع الله فيما ذكرته الايات المذكورة أعلاه فقد استكبر على آيات الله وشرعته ومنهاجه وأصبح من الآثمين، إضافة على كل من حرض على الإعتداء على الذين لم يدخلوا الإسلام فذلك أمر يعتبر تحدياً لشرع الله وتدخلا في صلاحيات رب العالمين الذي حدد حقه في الحكم على الناس منفردا وإختصاصاً أصيلا لله وحده.
٢- لقد منح الله سبحانه للإنسان الحرية المطلقة في إختيار الدين الذي يقتنع به ويطمئن له قلبه ويدرك مقاصد آيات الذكر الحكيم لما يحقق أمنه النفسي وسعادته ويمنحه السكينة، فليس من حق الرسل والأنبياء إكراه الناس على الدخول في الإسلام.
٣- لقد أراد الله سبحانه أن يبين للناس مهمة الرسل والأنبياء وحتى الداعين للإسلام بأنهم ليسوا وكلاء على الناس نيابة عن الله الذي خلقهم ولم يكلفهم الله برقابة الناس على شعائرهم الدينية ومحاسبتهم ويعتبر ذلك الإختصاص لله وحده وكل من تجاوز حق الله فيعتبر اعتداء على حق أصيل لله سوف يحاسب عليه يوم القيامة حسابًا عسيرًا وإن ما يحدث من مواقف المسلمين المتناقضة حين كل فئة منهم تتبنى موقفًا متحيزًا لفهم خاطئ عن رسالة الإسلام، ويبدأ كل طرف تأكيد نظرته وفهمه للإسلام ليس في سبيل الله بل في سبيل الأنانية الشخصية الذين لم يراعوا حق الله واستباحوا آياته مستندين لروايات الشياطين المزورة على الله ورسوله، وأن تمسك الأطراف المتنازعة جعلت الجماعات الموالية لك شيخ دين أو إمام مذهب معين أحزاباً متناحرة متصارعة وكل منهم يدعي بأنه صاحب الحق وغيره يتبع الباطل فتسببوا إلى تفرق المسلمين وعصوا أمر الله في كتابه المبين الذي أمرهم بقوله سبحانه: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ.) ال عمران (١٠٣).
فهل استجاب المسلمون وأطاعوا أمر الله؟ كلا والف كلا لقد خالفوا وعصوا ربهم بكل التحدى فماذا فعلوا تفرقوا طوائفاً وأحزاباً وشيعاً وجماعات تقاتل بعضها بعضاً باللسان وبالسنان وبالمدافع والصواريخ ليقتل الإنسان أخيه الإنسان وجريمة المعتدى عليه بالحديد والنار وجريمته لأنه خالفهم في فهمهم متبعاً إيمانه بالله ومطمئن لقلبه الذي آتبع الطريق المستقيم، فماذا شبه الله سبحانه أولئك المعتدين الذين إغتصبوا حق الله وجعلوا من أنفسهم حكامًا على الناس يكفرون فلان ويكذبون فلان يقدسون روايات البهتان فقد وصفهم ربهم بقوله سبحانه؛ ( وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) الروم (٣١/٣٢).
حتى وصلوا إلى مرحلة من الكفر بكتاب الله ويتهمون المؤمنين بآياته بأنهم قرآنيون من يتصور أن يصل السفه والإساءة والجهل والشرك بكتاب الله ويتهمون من يتبع آيات القرآن قرآنيين حتى أصبح القرآن تهمة يحاسب عليها
الإنسان من قبل الجهلة والأميين والدهماء الذين تعطلت عقولهم وغاب الإدراك عنها حتى أصبحوا كاألانعام بل أصل سبيلا يسوقهم الشيطآن وأتباعه إلى عذاب الله خسروا الدنيا والآخرة، ونسوا أنهم سيموتون وأنهم راجعون إلى الله يوم يقفون أذلاء امام قاضي الأرض والسماء ويسمعون الملائكة حينها تسألهم؛ ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ) الزمر ( ٧١).
إذًا فالله سبحانه لم يطلب من الناس الدخول في مواجهة بين الناس لدعوتهم للدخول في الإسلام ولكن أمر رسوله بدعوة الناس بالحكمة والموعظة الحسنة ولكل من يتطوع الدعوة للإسلام عليه ان يتبع الرسول الأمين في دعوته للناس كما أمره الله أن يدعوا الناس بالموعظة الحسنة دون عدوان أو كراهية أو صدام، تبقى العلاقات الإنسانية لا طيبة يحكمها التسامح والعفو والحسنى فلا تتغير العلاقات الطيبة وفق الأديان بين الناس فالدين لله والأوطان للناس؛ فلا عداء بين الأديان التي مصدرها من رب العلمين يدعوهم للتعاون على البر وتحريم العدوان والآثام بينهم فكل البشر خلقوا من نفس واحدة وكل إنسان سيحاسب على عمله يوم الحساب.