صرخة مواطن عربي ضد من اختطفوا الإسلام..الحلقة الرابعة عشرة من الجزء الثاني من كتاب ومضات علي الطريق للمفكر العربي علي محمد الشرفاء

0

أعزاءنا القراء من جديد نواصل معكم نشر الجزء الثاني من كتاب ومضات علي الطريق، وهو عبارة عن مقترحات لتصويب الخطاب الإسلامي للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، وجاءت الحلقة الرابعة عشرة بعنوان” صرخة مواطن عربي ضد من اختطفوا الإسلام ” أشار فيه الكاتب إلي التفريق بين الخطاب الإلهي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وما فيه من عدل ورحمة ومحبة وسلام والخطاب الديني المليء بالروايات المغلوطة وما فيه من كراهية وتكفير وحقد وفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان موضحا ضرورة اتباع الخطاب الإلهي وترك ما سواه من روايات ملفقة لم تجلب إلا الدمار والخراب للأمة وإلي نص المقال.

صرخة مواطن عربي ضد من اختطفوا الإسلام

من يتذكر «الرحمة». من يتذكر الآية العظيمة (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ«٥٤») (الأنعام)، أو الراحمون يرحمهم الرحمن، أو: لا تُنزَعُ الرحمةُ إلا من قلب شقي هذه المعاني الراقية التى تسهم فى سعادة البشر، دون تحديد جنس أو لون أو دين ينطلق منها كتاب: «رسالة الإسلام.. رحمة وعدل وحرية وسلام»، الذى أعده (علي محمد الشرفاء الحمادي) مدير ديوان الرئاسة السابق بالإمارات العربية المتحدة، (أبو ظبي).

والكتاب على صغر حجمه، زاخر بالقيم الإسلامية الأصيلة والجوهرية، لا القيم الوضيعة التي يرسّخها من جعلوا من الإسلام مصدرًا للاسترزاق والشهرة والوجاهة، فالكتاب بالأساس ينطلق من التفريق بين الخطاب الإلهي ، دعوة للرحمة والتفكير صادر من الله جل جلاله، مثبت في القرآن الكريم، منزّل على النبي محمد (ﷺ)، فيما الخطاب الديني هو دعوة للقتل والتكفير معتمد على روايات تواترت عن الصحابة تناقلتها أجيال متتابعة ، ثم تلقفها شيوخ الدين ليسيطروا على عقول العامة والدهماء، بغية تجييشهم وحشدهم لمكاسب سياسية.

وقد وضع المؤلف فى الشكل التوضيحي المشار إليه الخطابين في مواجهة بعضهما البعض، لأن هذا خطاب إلهي ، والآخر خطاب بشري، وفي لمحة بالغة الدقة بالغة الخفاء، يحملها ذلك الشكل التوضيحي، نجد أنفسنا أمام إسلامين إسلام نعرفه من القرآن الديني الأساسي نفسه، حتى تعامل الناس مع هذه التفسيرات على أنها الدين وهى أبعد ما تكون عن الدين، وكأن الكتاب بتركيزه على الخطاب الإلهي الذى يحمل قيم العدل والحرية والسلام والرحمة يوضح موقفه من الخطاب الآخر.

ورسالة الإسلام للبشرية كما رصدها المؤلف تتمثل في أربع قيم مرتبة ترتيبًا يضمن عالمية الدعوة والرسالة وشمولها ، فالرحمة تأتي على رأس تلك القيم، ثم يأتي العدل تاليًا، والحرية ثالثًا، والنتيجة وهي القيمة الرابعة السلام، فالقيم الثلاث الأولى إن تحققت وانتشرت ساد السلام بين عموم البشر فى أرجاء المعمورة كلها، وليس بين المسلمين المؤمنين بالدين فقط.

وهذه هي عالمية الإسلام، كما أرادها الله سبحانه وتعالى، لا كما يروج لها الأدعياء، الذين يتشدقون بعالمية دينهم من جهة ويحرّضون على القتل والكراهية من جهة أخرى، حتى أصبح الإسلام بسببهم مُرادفا للعنف والقتل والتخريب فى نظر الشعوب غير المسلمة وإسلام وضعي وهو تراكم التفسيرات البشرية للإسلام، وتراكم التفسيرات البشرية للقرآن، وبعض كتب الحديث التي يقدسها الناس أكثر من النَّص. مع أن النَّص القرآني يقول: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ «١٣» (الحجرات).

لقد بدأ المؤلف ( علي محمد الشرفاء) ، كتابه بتحديد عناصر الرسالة كما نزلت على الرسول وهي:

– خطاب الهدى، كما في قوله تعالى: (ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ «٢») (البقرة: ١- ٢).

– وحدة الرسالة، كما في قوله تعالى: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ «١٣٦») (البقرة).

ثم التكليف الإلهي، كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ «٦٧») (المائدة).

ثم يستمر المؤلف في رصد عناصر الرسالة الإسلامية، كما وردت في النص الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فيذكر أيضا : التذكير بالقرآن، أسلوب الدعوة وحدة البشر العدل الإلهي حرية الاعتقاد، لا وصاية في الدين، ليقف بعد ذلك أمام كل هدف من هذه الأهداف بالشرح والتحليل وبيان عظمة الدين الإسلامى.

إن رسالة الإسلام (كما يشرح الشرفاء ص 6 من الكتاب)، التي بعث بها الله سبحانه وتعالى رسوله محمدًا، يحملها في كتاب كريم ليهدى الناس كافة سبيل الخير والصلاح، وليخرجهم من الظلمات إلى النور وليحررهم من استعباد البشر للبشر، واستعباد الأصنام لعقول الناس.

إن دعوتنا كما يراها المؤلف كمثقفين، وردت في كتاب الله في الآية 13 من سورة الحجرات: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ «١٣») (الحجرات).

ويرى أنها دعوتنا الآن، بحكم ما يجري حولنا من مشكلات تتعلق بديننا، تلك دعوة لمثقفي الأمة وعلمائها المنوط بهم الآن إخراج الأمة من مأزقها فى المفاهيم المغلوطة، وتقديس تراث الأولين واجتهادات لا يلزم المسلمين إتباعها، ولا تتفق مع ما أنزل الله على رسوله الأمين (ﷺ) على حساب القرآن.

فهي وقفة مسئولة من دون تمييز لطائفة، أو مذهب أو فرقة أو حزب يرتجي منها التعاون والبحث الجاد المتجرد ، وصولا لمفهوم موحد تلتئم عليه الأمة، حين الوقوف على أصل ما عنته وقصدته وبيّنته آيات القرآن الصريحة فيما هو خير للإنسانية، وترك ورفض لحشد الروايات المبعثرة والمزعومة.

 ينتقل المؤلف بعد ذلك شارحًا ومحللا، ومستندًا إلى القرآن الكريم، ليفرّق بين خطابين، فى قسم «الخطابان والمقصود بهما، الخطاب الإلهي والخطاب الديني، فالأول رحمة وعدل والثاني كراهية وتكفير، وهما فى رأيه طريقان لا ثالث لهما، طريق الحق، وطريق الضلال‪.

فمن اتَّبع طريق الحق، وهو الخطاب الإلهي للناس كافة بلّغه رسول أمين سيكون حسابه كقوله تعالى:

(وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا «١١٢») (طه).

ومن اتبع طريق الضلال في الخطاب الديني البشري، فسيكون عقابه كما قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ «١٢٤») (طه).

Leave A Reply

Your email address will not be published.