القرآن… ومؤامرة بني إسرائيل..الحلقة الثامنة من الجزء الثاني من كتاب ومضات علي الطريق للمفكر العربي علي محمد الشرفاء

0

أعزاءنا القراء من جديد نواصل معكم نشر الجزء الثاني من كتاب ومضات علي الطريق، وهو عبارة عن مقترحات لتصويب الخطاب الإسلامي للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، وفي الحلقة الثامنة يتحدث المؤلف عن مؤامرة بني إسرائيل على القرآن الكريم وكيف افتروا علي الإسلام ورسوله روايات ابتدعوها من عند أنفسهم واستطاعوا  إقناع الناس بها فصاروا يقدسونها مثلها مثل القرآن وخلقوا آلاف الروايات نسبوها للصحابة على لسان الرسول، واستطاعوا أن يقنعوا بها عددًا كبيرًا مِنْ دُعاة المسلمين ليتبنوها ويقوموا بترويجها وتوثيقها لتتَّبعها الأجيال التى تليهم ليُغرقوهم في مُستنقع الروايات لخلق حالة من الالتباس على المسلمين بين ما هو منقول إليهم من الماضى وبين آيات القرآن الكريم.

وقد بالغوا في تضخيم مكانة أصحاب الروايات وسط هالة من القُدسية وجعلوهم مَراجِع يرجع إليهم المسلمون في أمور دينهم برغم أن دين الله وأحكامه واضحة في كتابه المبين الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وإلى نص ما كتب المؤلف.

القرآن… ومؤامرة بني إسرائيل

قال سبحانه وتعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ «٨٢») (المائدة).

إن التحذير الإلهي يؤكد للمسلمين ما قام به اليهود من محاربة رسالة الإسلام منذ بداية بعثة الرسول محمد(ﷺ).

لقد وصف الله سبحانه القرآن بأنه أحسن الحديث بقوله تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ «٢٣») (الزمر)، وجاء في آية أخرى: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ «٦» (الجاثية).

وقال تعالى: (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ «٥٠») (الأعراف)، أي أن إطلاق مُسمى حديث محصور فقط في آيات القران الكريم، ولو لم يأتِ الوحي لمحمد بن عبدالله، ونزل عليه القرآن كتاب الله للناس كافة، فلن يكون رسولا أو نبيًا وسيكون مثل أحد الناس في قومه.

ولكنَّ الله سبحانه يعلم حيث يجعل رسالته لعباده، فكلَّف محمد الإنسان ليكون رسولًا للناس كافة، يهديهم طريق الخير والرشاد وأمره بتكليف مُحدد بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ «٦٧») (المائدة ).

ماذا أُنزِّل على الرسول؟وما الرسالة التي يريد الله أن يبلغها للناس؟

أليس غير القرآن خطاب من الله لعباده؟ وهل يملك محمد (ﷺ) مخالفة أمْرِ الله ويبلغ الناس قولا آخر غير ما يكلفه الله به وهو القرآن؟

يهديهم إلى سواء السبيل ويرشدهم لما ينفعهم ويصلح أمرهم ويحقق لهم الأمن والسلام في الحياة الدنيا لمن اتبع قرآنه، ويؤمنهم يوم الحساب ويكرمهم بجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.

حيث يقول سبحانه: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ «١»  وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ «٢» ذَٰلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ «٣») (محمد:۱- ۳).

وتعني هذه الآية أنَّ الناس انقسموا إلى فريقين، منهم من اتبع الحق الذي أُنزل على الرسول وهو القرآن الكريم، ومنهم من اتبع الباطل، والذين كفروا بالقرآن اتبعوا الروايات التي أصبحت بديلا عن القرآن، وخلقت دينًا جديدًا لا صلة له برسالة الإسلام الذي يأمرنا الله باتباع آياته في كتابه المبين.

وأصبح لزامًا على كل إنسان أن يحدد موقفه إن كان من أهل القرآن فالله سيكفِّر عنهم سيئاتهم ويصلح بالهم، وأما من اتبع ما تتلو الشياطين من أساطير وروايات وإسرائيليات سيُضل الله أعمالهم.

ألم يشتك رسول الله لربه في قوله سبحانه: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا «٣٠» (الفرقان).

أليس هذا ما حدث في الماضي ويحدث اليوم بأن المسلمين انصرفوا عن القرآن كتاب الله ، وآمنوا بكلام عباد الله وأقاويلهم وافتراءاتهم على الله ورسوله فسُحقًا لهم بما قالوا وما نقلوا وما كتبوا.

ألم يقل سبحانه وتعالى: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ «٦») (الجاثية).

كيف تجرأ الجهلة الذين: (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ «١٠») (البقرة).

إن على المسلمين أن يجعلوا من القرآن مرجعهم الوحيد ، ويجعلوه يعلو فوق ما عداه من أحاديث وروايات، فكلام الله فوق كلام الملائكة والأنبياء والرسل ليرضى الله عليهم أن هداهم إلى الطريق المستقيم حينما يتخذون القرآن وحده مرجعيتهم ويستغنون بآيات الله عن الروايات والإسرائيليات ويجعلون كلمة الله هي العليا، ويتبعون ما أمر الله به عباده بقوله سبحانه:(اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ «٣») (الأعراف).

وما بلغه رسول الله للناس وما أنزل الله عليه مِنْ قرآن مُبين للتذكير والتدبر، لتستيقظ العقول وتتحرر من افتراءات الروايات والإسرائيليات التي تستهدف القضاء على رسالة الإسلام منذ بداية بعثة الرسول (ﷺ).

 وحرّض اليهود كفار قريش على اغتيال رسول الله ولما فشلوا شنَّت عليه قبائل اليهود (بنو قريظة وبنو النظير وبنو قينقاع) حروبًا عِدة لإعاقة تبليغ رسالة الإسلام للناس وماتحمله لهم من رحمة وعدل وسلام وتسامح وإحسان وخُلق كريم.

وبفضل الله انتصر رسوله والمسلمون وهزموا أعداء الإسلام شر هزيمة في كل معاركهم.

 ولذلك اتجه اليهود للشائعات وافتراء الأكاذيب على رسول الله ، وخلقوا آلاف الروايات نسبوها للصحابة على لسان الرسول، واستطاعوا أن يقنعوا بها عددًا كبيرًا مِنْ دُعاة المسلمين ليتبنوها ويقوموا بترويجها وتوثيقها لتتَّبعها الأجيال التى تليهم ليُغرقوهم في مُستنقع الروايات لخلق حالة من الالتباس على المسلمين بين ما هو منقول إليهم من الماضى وبين آيات القرآن الكريم.

وقد بالغوا في تضخيم مكانة أصحاب الروايات وسط هالة من القُدسية وجعلوهم مَراجِع رئيسية لرسالة الإسلام لطمس العقول ومَنْع المسلمين من مراجعة أقوالهم والتأكد من حقيقة رواياتهم حتى غزت العالم العربي والإسلامي وسائل الدعاية والنشر وطباعة عشرات الآلاف من الكتب والمجلدات لكبار ناقلى الروايات لإعطائها زخمًا دينيًا يحقق لها مصداقية وتقديس لما ينقلوه من إسرائيليات وروايات مكذوبة يفترون على الله ورسوله الكذب والتدليس.

فاندفع المسلمون من كل مكان يمجدونهم ويقدسون آراءهم ووصفوهم بالأئمة، حتى أصبح أولئك الموصوفون بالعلماء مراجع دينية غير قابلة للنقد أو المراجعة، لتصحيح بعض المفاهيم التي تنال من الرسول (ﷺ) ومن القرآن الكريم، واعتبروها غير قابلة للمناقشة أو المراجعة في الوقت الذي يأمر الله المسلمين بالتدبر في كتابه في وصفهم بقوله سبحانه: (يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۖ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ «١٠٣») (المائدة).

وقوله تعالى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ «٢٢») (الأنفال).

وهكذا استطاع الإسرائيليون والمجوس، أن يؤسسوا على الروايات دينًا جديدًا يُدعِمهم ويساندهم مجموعة عُلماء المذاهب المختلفة والأسانيد المنسوبة لأصحاب رسول الله ليتحقق للروايات القُدسية والمصداقية.

 وبذلك استطاعوا أن يضربوا طوقًا على العقول يمنعها من التدبُّر والتفكر، كما أمَرَ الله سبحانه مُستهدفين صَرْف الناس عن القرآن وتعطيل فرائضه، لتستمر المؤامرة في وأد العقل العربي ليظل مرتهنا بأقوال السابقين، وتبقى العقول مُقيَّدة بتلك الأغلال التي ابتدعوها ليَظلوا أسرى للماضى ويتخلّفوا عن ركب الحضارة والتقدم، ويهملوا فَرْض الله في أمره للمسلمين بالقراءة والمثابرة على العِلم والمعرفة، لكي يستخرجوا كنوزهم من أراضيهم ويوظفوها للارتقاء بمعيشة الناس في أوطانهم مما أنعم الله عليهم من ثروات فوق الأرض وفي باطنها.

واليهود وحلفاؤهم لا يريدون للعرب مشاركتهم في العلم والمعرفة، لأنهم إن نجحوا ضيَّعوا عليهم فرصة سرقة الكنوز العربية المُخبأة في جوف الأرض، ولكنَّ العرب استدرجوا للمقولات والروايات التي حجبت عنهم دعوة القرآن لهم بالعلم والمعرفة حيث يقول سبحانه في أول سورة نزلت على الرسول:(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ «١» خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ «٢» اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ «٣» الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ «٤» عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ «٥» (العلق :١-٥)

وهكذا عصينا الله فيما أمر، وسلمنا للأعداء كل النعم فاستباحوا ما وصلت إليه أيديهم من ثروات أمة العرب وأصبحت مرهونة لهم.

ولذلك مما يؤكد استمرار مؤامرة بني إسرائيل وتابعيهم من الجهلة والأميين، بمحاولاتهم زَرْع الخوف في كل من يحاول أن يُعيد مكانة القرآن بأنَّه أساس لرسالة الله لعباده متضمنة آياته تعاليم الإسلام وتشريعاته.

 فكل مَنْ يجتهد ليُطيع الله في التدبر والتفكر في كتابه الحكيم، يُوصَم بتُهمة (القرآنيين) ليؤثروا على العقول بعدم الاقتراب من آيات الله، وتدبرها حتى يبقى المسلمون مُرتهنين للإسرائيليات والروايات الكاذبة، لإرهاب المسلمين من الاقتراب من تحذير الله لهم من شر اليهود ومؤامراتهم، وتعطيلهم فريضة إلهية بتوظيف العقل في العِلم والمعرفة التي علمها الله لأول خلقه (آدم) أبو البشرية عندما علم الله سبحانه (آدم) الأسماء كلها وهي المعرفة والعلوم كافَّة منذ الخليقة حتى قيام الساعة.

كما أنزل على رسوله (ﷺ) مفتاح المعرفة بسورة (إقرأ) أول سورة أُنزلت على رسول الله (ﷺ) في القرآن والمؤامرة تستهدف استمرار انصراف المسلمين عن القرآن ليعيشوا في تخبط والتباس وتناقض يؤدى الى خَلْقِ فِتَن وصراعات بين المسلمين ثم يتحول الى قتال وسفك دماء الأبرياء ويؤكد الله سبحانه أنَّ أعداء الله وأعداء الرسالة سينشرون شائعات وروايات عن القرآن، لتكون لكُتُبِهم الغَلبة يقول الله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ «٢٦») (فصلت).

وعلى ضوء ما جاء أعلاه تبرز الأسئلة التالية

1- كيف استطاع المتآمرون على رسالة الإسلام وأعداء الله أنْ يُنشئوا روايات تتعارض مع قيم القرآن وسماحة الدين الإسلامي، وكيف اقتنع بها المسلمون الأوائل وروّجوا لها ؟

2- كيف استطاعوا أن يُغرقوا العقول في مستنقعات الفتنة والفُرقة والقتل والتدمير في حين أنَّ الله يدعو للتعاون بين الناس بالبر والرحمة والتسامح والمحبة بين الناس؟

3– كيف استطاعوا أنْ يُمزقوا وحدة الرسالة إلى مرجعيات متناحرة مُتصارعة ومُتقاتِلة، كل منهم يبحث عن سلطة وجاه ومكانة مرموقة في المجتمع؟

4- كيف استطاعوا أن يجعلوا منَّا مَعاول لهدم دين السلام والمحبة والتحول إلى وحوش مسعورة، فقدت كل قيم الإنسانية فأهملنا ما جاءت به رسالة الإسلام من عدل وسلام ورحمة يقتل بعضنا بعضًا تحت شعار الله أكبر؟

والسبب هو حينما هَجَر المسلمون الخطاب الإلهي (القرآن الكريم) ولم يتَّبعوا ما جاءت به الآيات البيِّنات التى أنزلها الله على رسوله ليُبلغها للناس بل اتبعوا ما تتلو الشياطين على أتباعهم من الأساطير والإسرائيليات والخُرافات التى تسببت في ابتعادهم عن رسالة الإسلام رسالة الرحمة والعدل والحرية والسلام والتسامح والإحسان والتعاون والخُلق الكريم.

Leave A Reply

Your email address will not be published.