إنشاء مرجعية للدعوة الإسلامية..الحلقة الثالثة من الجزء الثاني من كتاب ومضات علي الطريق للمفكر العربي علي محمد الشرفاء

0

أعزائنا القراء من جديد نواصل معكم نشر الجزء الثاني من كتاب ومضات علي الطريق، وهو عبارة عن مقترحات لتصويب الخطاب الإسلامي للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، ونقدم لكم في الحلقة الثانية من الكتاب دعوة تبناها المؤلف لإنشاء مرجعية للدعوة الإسلامية بدأها بإرسال رسالة لشيخ الأزهر الدكتورأحمد الطيب نلخص منها ما يلي: تلك أفكار مُخْلِصَة أطرحها أمامكم ، قد تشعرون معي بأهمية هذا الاقتراح وما يمكن أن يعود بالنفع على وحدة الهدف، وأن يأخذ الأزهر دوره في تحقيق تصويب الخطاب الإسلامي وتوحيد أهدافه، ليتحقق للمسلمين مرجعية واحدة تهديهم وتُرشدهم إلى مبادئ الرسالة الإسلامية الصحيحة لصالح الإنسانية، وتُعينهم على طريق الصواب، وترسم لهم مسيرة الخير والعدل والسلام والحرية ،والرحمة ليسود العالم الأمن والسلام بفضل رسالة الإسلام، وإلي نص ما كتب المؤلف

إنشاء مرجعية للدعوة الإسلامية

فضيلة الإمام الأكبر الدكتور/ أحمد الطيب- الموقر- شيخ الأزهر الشريف

تحية طيبة وبعد

يَعِيش المسلمون اليوم في كل بقاع الأرض، حالة من التشرذم والتنافس في عرض الخطاب الديني، مؤديا لمن يستقبل الدعوة الإسلامية وما يَشُوبها من تناقضات إلى خلق بَلْبَلَةٍ فكرية لكل متلق لها من أصحاب الأديان الأخرى، مما يسهم في استغلال مَوَاطِن الضعف لاستخدامها سلاحًا ضد الإسلام، مما يُساعد في تلك المواقف المتشددة التي تتعارض وروح التسامح في تعاليم الإسلام.

ونظرًا لانتشار مئات المراكز الإسلامية في دول العالم والتي تقوم بأعمال الدعوة الإسلامية، إلا أنه لا يوجد بينها رابط ولا تنسيق، وليس لديها خطة واضحة المعالم محددة الأهداف قادرة على بلورة حقيقة الرسالة الإسلامية ومقاصدها الإنسانية والحضارية المبنية على الرحمة والعدل والسلام.

وحيث أنه يوجد فراغ هائل على المستوى العالمي في مجال التوجيه والإرشاد لرسالة الإسلام السامية، ولا يوجد من لديه القدرة والريادة وتقدير تلك المسئولية العظيمة للقيام بها لتصويب الخطاب الإسلامي غير الأزهر الشريف ليقوم بدوره الديني تجاه البشرية.

لذا، فإنني أقترح ليتحقق للمسلمين مرجعية واحدة تهديهم وتُرشدهم إلى مبادئ الرسالة الإسلامية الصحيحة لصالح الإنسانية، وتُعينهم على طريق الصواب، وترسم لهم مسيرة الخير والعدل والسلام والحرية ،والرحمة ليسود العالم الأمن والسلام بفضل رسالة الإسلام، الخطوات التالية:

أولا: يتم تشكيل لجنة من بعض علماء الإسلام المختصين في مجال الدعوة، وإشراك بعض المفكرين في الشؤون الإسلامية المشهود لهم بالنزاهة والاستقامة والتجرد في سبيل الله، والذين لهم اتصالات سابقة مع مختلف الهيئات الدولية في مجال الحوار الإسلامي.

ثانيًا: تكون مُهمة اللجنة إعداد وثيقة شعارها : (الإسلام رحمة وعدل وحرية وسلام) ، يوضح فيها ما تدعو إليه رسالة الإسلام، معتمدة على مرجعية القرآن فقط، استلهاماً بالمبادئ التي تدعو إليها الآيات الكريمة، وما فيها من تشريعات وفضائل الأخلاق والقيم النبيلة والعِبر التاريخية ، وما تدعو إليه من إقامة العدل وتحريم الظلم بكل أشكاله، وتشجيع التسامح والتعاون بين بني الإنسان، لِيَعُمَ الرخاء والأمان في كل مكان من أجل أن يتحقق للإنسان حياة كريمة – دون تفرقة في الدين والمذهب أو الجنس واللون لتحقيق إرادة الله في الأرض:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ «١٣») (الحجرات).

حيث يجتمع كل الناس بهذه الآية أخوة في الإنسانية، يجمع بينهم التعارف والتعاون والمودة والتسامح، لتعيش كل الشعوب في أمن وسلام، ويكون بعد ذلك الحُكْم لله وحده في التفضيل بينهم، بحيث تكون هذه الوثيقة رسالة الإسلام للإنسانية جمعاء، تستهدف تبيان رسالة الإسلام وحقيقتها ومقاصدها فيما يحقق للإنسان من سلام نفسي، يعمل الصالحات ليعينه الله على ما تطمئن به نفسه في حاضره وتمده بالثقة والعون والتفاؤل في مستقبله، وتهوّن عليه تقلبات الدهر بالصبر والإيمان، وترشده لتكاليف العبادات وأعمال الصالحات والالتزام بالتشريعات الإلهية وما تدعو إليه من الفضيلة والأخلاق الكريمة.

ثالثًا: دعوة رؤساء ومدراء المراكز الإسلامية في الدول الغربية والولايات الأمريكية وكندا وأمريكا الجنوبية والدول الآسيوية، لمناقشة الوثيقة الإسلامية في مؤتمر تحت رعاية مشيخة الأزهر، ومشاركة كافة مدراء المراكز الإسلامية لتوحيد دعوتهم لرسالة الإسلام دون مذاهب وفرق وطوائف، لاجتناب كافة المرجعيات المختلفة التي فرقت المسلمين شِيَعًا وأحزابًا يقاتلون بعضهم بعضًا، على الرغم من أنه يجمعهم إله واحد، ورسول واحد إمام المسلمين جميعًا، وكتاب واحد مُبين يقودهم إلى طريق مستقيم، مُسْتَنْبَط من قرآن حكيم للمصادقة على الوثيقة لتكون دستورا للدعوة الاسلامية في أماكن مراكزهم، لتصحيح صورة الرسالة الإسلامية للإنسانية، لتكون بداية لتكوين مرجعية واحدة للمسلمين جميعًا في أقطار الأرض دون إقصاء لكل من آمن بالله الواحد الأحد، وآمن برسوله من الله للناس جميعًا، وآمن بالقرآن كتاب الله المبين.

يُعقد المؤتمر للمراكز الإسلامية في القاهرة، لمناقشة الوثيقة المُعَدّة من قِبَل مشيخة الازهر لتبدأ انطلاقة جديدة للدعوة الإسلامية، ويتم تأسيس مرجعية دائمة للمراكز الإسلامية، وما سيترتب على ذلك من تفاعل وتكامل وتصحيح بعض الرؤى التي تنتقص من سلامة العقيدة وتُزيل ما شاب صورة الإسلام والمسلمين من سلبيات كونت بعض الصور المسيئة لرسولنا -ﷺ- في عقول عدد من المفكرين في الغرب، حيث يعتبر هذا المؤتمر أول جمعية عمومية للمراكز الإسلامية، تنعقد من أجل الدعوة الإسلامية في جميع أنحاء العالم.

رابعًا: يتم انتخاب مجلس إدارة للمرجعية الإسلامية من علماء المسلمين، مكون من سبعة أشخاص، وتكون مدة العضوية سنتين، حيث يعاد انتخاب أعضاء جدد، كما يتم انتخاب مجالس تنفيذية في كل دولة من رؤساء المراكز الإسلامية في تلك الدولة.

خامسًا: يُنشيء مجلس إدارة المؤتمر مركز اتصال وتنسيق في مشيخة الأزهر، ليتولى الاتصال المباشر مع المراكز الإسلامية في دول العالم، ويحقق التنسيق والتشاور في كل ما يمكن أن يُحَقِقَ التلاحم والتعاون بين الفروع والمراكز.

فضيلة الإمام‪:

تلك أفكار مُخْلِصَة أطرحها أمامكم ، قد تشعرون معي بأهمية هذا الاقتراح وما يمكن أن يعود بالنفع على وحدة الهدف، وأن يأخذ الأزهر دوره في تحقيق تصويب الخطاب الإسلامي وتوحيد أهدافه، داعيا المولى عز وجل أن يعينكم في مهمتكم العظيمة، وأن يأخذ بيدك إلى طريق الصلاح والإصلاح، وأن يمنحكم القدرة على تحمل المسئولية، ويحقق على يديكم ما نتمناه لخير الإسلام والمسلمين متجردين من الهوى عاملين في سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، محتسبين عند الله أجرًا عظيمًا.

Leave A Reply

Your email address will not be published.