السودان.. روابط لا تنفصم!.. الحلقة العشرين من كتاب “ومضات علي الطريق العربي ” للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي

0

في الحلقة العشرين من كتاب “ومضات علي الطريق العربي ” للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، وهو عبارة عن دراسات ومشاريع وحلول لواقع المستقبل العربي في القرن الواحد والعشرين يتحدث المؤلف عن السودان، وما حدث فيه من تقسيم بين الشمال والجنوب، ودوره  في تلك المرحلة المهمة من تاريخه، ونصائحه للرئيس السوداني السابق بشأن انفصال الجنوب ودور القوى الدولية في هذه الحرب وإلي نص ما كتب المؤلف.

السودان.. روابط لا تنفصم!

لقد شرفتني دولة الإمارات العربية المتحدة بتعييئي كأول سفير لها في جمهورية السودان الشقيقة، وذلك عام 1972، وكان لي شرف الإسهام في رأب الصدع؛ الذي حدث بين جمهورية مصر العربية والسودان، وما نتج عنه من إسهام المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة – بإعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين الشقيقين و بمساعدة من الأخ الفاضل معالي مهدي مصطفى، وزير شئون الرئاسة يومذاك.

ويحق لي من منطلق الرباط المتصل مع ما يجري من تطورات في السودان الشقيق، ومن إطلالتي المستمرة على المتغيرات المتلاحقة فيه، و من واقع الأمانة القومية العربية – أن أطرح أمامكم رؤية متواضعة لتجنيب السودان ما يخبئه له المستقبل؛ حتى لا ينساق خلف عاطفة متحمسة غير محسوبية العواقب، وهو الأمر الذي قد ينتج عنه آثار سلبية قد تتحول إلى تمزيق الوطن. لذا يتطلب الأمر معالجة استثنائية تتجاوز التمنيات، و تتعامل مع الواقع؛ حيث إن الأمة تواجه هجمة شرسه تم التخطيط لها منذ أمد بعيد، ينفذها أعداؤها بالعمل على خلخلة هياكل الدول العربية، وتغيير أوضاعها الجغرافية؛ وذلك للأسباب الآتية:

أولًا: إضعاف الدول العربية، وانشغالها بنفسها، و خلق اضطرابات فيها تعطل مسار التنمية، وتعزلها عن واجباتها القومية على المستوى العربي.

ثانيًا: يتحقق للولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، التي تسير وفق المشيئة الإسرائيلية استغلال الثروات الاقتصادية العربية، وتسخيرها لمصالحهم على حساب شعوب الدول العربية.

ثالثًا: الاستمرار في خلق وسائل للاضطرابات، وإيجاد البليلة في الدول العربية، واعتبارها وسيلة للابتزاز، والسيطرة علی منابع النفط.

لذا، ومن أجل المحافظة على استمرار الاستقرار في بلدكم الشقيق، وحماية الأمن الوطني فيه، و تقليل الخسائر المتوقعة من جراء ما سينتج عنه الاستفتاء من إجماع متوقع باختيار استقلال الجنوب عن الشمال، وتنفيذا الرغبة أبناء الجنوب بعد محصلة لحرب طويلة بين الشمال والجنوب، خلقت حاجزا من الدم، والضحايا، والدمار، تم استخدامه كأرضية جاهزة لدعم الجنوب من أجل الاستقلال، تتبناه الولايات المتحدة الأمريكية، ومن خلفها الدول الأوروبية، و تدعمه دعما سياسيا بلا حدود، وهو أمر يؤكده الواقع، والمواقف المحلية، و الدولية من خلال تنفيذ أحد بنود اتفاقية (نيفاشا سيئة 2005 )، وعليه فإن الأمر يتطلب ما يأتي:

1. من أجل المحافظة على حدود الشمال، وتقليل الخسائر البشرية والاقتصادية -قدر الإمكان- يجب استخدام الحكمة في معالجة الواقع، والسيطرة على العواطف غير المحسوبة العواقب من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

2. وضع استراتيجية مرنة، تأخذ في الحسبان استعدادا للاعتراف الصريح باحترام رغبة أبناء الجنوب فيما يقررونه من اختيار العلاقة مع الشمال.

3. وضع تصور معقول و مقبول لإعادة هيكلة العلاقة مع الجنوب في حالة الانفصال، وإبراز حسن النية بالدور الإيجابي الذي سيقدمه الشمال لدعم أبناء دولة الجنوب، والمحافظة على أمنه واستقلاله.

4. بناء علاقة جديدة مبنية على التعاون الاقتصادي، والسياسي، و الزراعي المشترك من أجل مصلحة الشعبين، واستمرار التفاعل بين المواطنين، و عدم اتخاذ إجراءات، وردود فعل ارتجالية؛ لأنها ستكون سببا في إشعال النار، ونشوب معركة الكل فيها خاسر.

5. التعاون في مجال الثروة النفطية، وتقاسم الحقول المنتجة بين الطرفين، ويجوز لدولة الجنوب استغلال حقول جديدة في الحدود المحددة لها بالكامل، وحسب إرادتها.

6. يتم إنشاء مجلس تعاون سياسي، وأمني، و اقتصادي بين الطرفين يضم الرئيسين والوزراء المعنيين لوضع استراتيجية مستقبلية للتعاون فيما بينهما من أجل تحقيق الرفاهية، والأمن في مختلف المجالات، ووضع قاعدة صلبة مبنية على أساس الاحترام المتبادل، والتعاون الوثيق بينهما.

وبذلك تستطيع يا سيادة الرئيس تفويت الفرصة على المتربصين بأمن السودان، ومصالحه العليا واستقراره، وتكون قد حققت بذلك مصالحة دائمة بين الشمال والجنوب، واستمرار المنفعة المتبادلة، وحفظت دماء الشعبين، وما يخطط لهما من مؤامرة لزجهما في أتون نار لا يعرف متى تنتهي . أدعو الله عز وجل أن يلهمكم الحكمة، و الثبات، والصبر، ولكم في (رسول الله‪ ﷺ)  أسوة في مواجهة المكائد و المؤامرات؟ بالصبر، والحكمة، و حقن الدماء، وأن يعينكم، ويوفقكم، إنه سميع مجيب.

Leave A Reply

Your email address will not be published.