الحلقة الثالثة عشرة من كتاب “ومضات على الطريق العربي” للمفكر العربي علي محمد الشرفاء

0

في الجزء الثالث من الحلقة الثالثة عشرة من كتاب “ومضات علي الطريق العربي” للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، وهو عبارة عن دراسات ومشاريع وحلول لواقع المستقبل العربي في القرن الواحد والعشرين يتحدث المؤلف عن مشروع عربي لحماية الأجيال العربية وصناعة مستقبل يليق بها من خلال تصور قدمه في ثنايا هذا الجزء للحكام والرؤساء والملوك العرب بعدما نجحت الخطة الصهيونية في خداع العالم برعاية أمريكية مطالبا الجميع بنبذ خلافات الماضي والتعلم من دروسه والاتعاظ منه وإحياء الحوار العربي الأوربي على أساس بناء آليات اقتصادية ومشاريع مشتركة وخلق سوق مشتركة بين أوروبا والعالم العربي؛ وإلى نص ما كتب المؤلف.

لقد استطاعت المبادرة العربية تعرية إسرائيل أمام العالم، فلم يقدم ارون مبررًا لعدم التزامه بقرارات الشرعية الدولية، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تتوقع من معظم الدول العربية أن تساندها في موقفها العدائي للعراق بالموافقة على توجيه ضربة له؛ لكنها يمت حينما فوجئت بالعناق بين ولي عهد السعودية، ونائب الرئيس العراقي، وقرار القمة برفض ضرب العراق.

وهنا، وبسبب ذلك التقت مواقف إسرائيل وأمريكا أكثر من أي وقت مضب، وأعطى المغامر بوش للسفاح شارون الضوء الأخضر لتدمير السلطة الفلسطينية، وإسكات الصوت الفلسطيني في ظل میرر الإرهاب؟ هذا المفتاح السحري الجديد لشريعة الغابة التي استحدثتها أمريكا و طبقتها إسرائيل، غير آبهة بكل القيم والأخلاق، والأصول، والشرعية الدولية، فكانت خصماء وحكماء و قاضيا، وجلادًا.

وهكذا نرى اليوم جحافل الدبابات، والمجنزرات، والجرافات الإسرائيلية تجتاح القرى، والشوارع، والمنازل الفلسطينية؛ مدمرة الأخضر واليابس، وبذلك قتلت أختر غصن زيتون ارتوي من دماء شهداء الانتفاضة، وراحت تدمر مقار السلطة الفلسطينية، وتدك جرافاتها ودباباتها البيوت على رءوس الأطفال والأمهات، وتعدم المسالمين العزل بدم بارد عجزت النازية عن فعله؛ لیری بوش، و پستعرض سقوط الأبرياء؟ وهو سعيد بما يرى من دماء تسفك، نكاية في الدول العربية التي لم تقف معه في ضرب العراق؛ فلابد من الانتقام من الفلسطينيين الذين يطلق عليهم (إرهابيون)، وهذا يؤكد على أن الموقف وكذلك الفلسفة والرغبة والإرادة تلتحم بين شارون و بوش.

إن العرب اليوم مطالبون بوقفة تاريخية؛ وذلك بأن تتخذ القيادات العربية موقفا مشرفاء ليكون منعطفا تاريخيا في حياتهم، و حياة شعوب أمتنا العربية، حفاظًا على حريتهم واستقرارهم وأمنهم، فنحن اليوم أمام عدو شرس فالإرادة الأمريكية أصبحت ديناصورا أهوجا لا يرى أمامه إلا ما يصور له الصهاينة، و يملون عليه من مواقف، لقد أيقظ الصهاينة فيهم كل نوازع الشر، وسيطروا على عقولهم : ليتحقق لهم ما يريدون لتأمين مصالحهم التوسعية فوق جماجم الشهداء.

لذا فإن الأمر خطير ، والمستقبل ينذر بما لا تحمد عقباه، فلن يسلم من هذا الدمار رئیس ولا ملك، ولن تفلت منه دولة، أو قطر، أو مدينة، ولن يكون أي منا في مأمن من أن ينقلب الذئب عليه في أية لحظة ليكشر عن أنيابه، ولتظهر صورته الحقيقية كما ظهرت صورة الرئيس الأمريكي عندما وقف أمام العالم ليصرح بأنه يتفهم ما تقوم به إسرائيل لحماية أمنها، ناسيا أو متناسيا ما تقوم به إسرائيل على مرأى ومسمع من العالم كله من أعمال إجرامية و قتل الأبرياء.

فماذا أنتم فاعلون یا عرب؟

فمن أجل المحافظة على أطفالكم، وبناتكم، ونسائكم مما ينتظرهم من أهوال لا يعلم مداها إلا الله، وهذا أمر لا مجال فيه للتردد، ولا للتسويف ولا للمجاملة على حساب مستقبلكم و علاجه يتطلب الآتي:

أولًا: عقد اجتماع استثنائي لمؤتمر عربي، بدون ضجيج إعلامي، واستعراض، وخطب حماسية؛ لاتخاذ قرار قومي بطلب إجلاء جميع القواعد العسكرية الأجنبية من الأراضي العربية، فليست الأمة العربية في حاجة لها، ومن يتقدم بمبادرة سلام إلى أكبر دولة مجرمة في التاريخ، فمن غير المنطق ألا يكون مستعدا لتحقيق السلام بين الأشقاء. لا أعتقد أننا بحاجة إلى قواعد أجنبية تساعدنا ضد عدو مجهول، فليس للأمة العربية عدو غير إسرائيل؟ العصابة المجرمة التي احتلت فلسطين، وطردت أبناءها ليصبحوا لاجئين في كل مكان.

فما الذي يمنع القواعد الأجنبية من أن تكون في خدمة إسرائيل، تنفيذا لما يرتبطون به معا من أهداف مشتركة ضد مصالح الأمة العربية. إن هذه القواعد عبارة عن قيد يكيل إرادة القيادة السياسية العربية، ويؤثر على قراراتها، وعلى مصالحهما القومية، وينتقص من سيادتها وكرامتها.

إن العرب تعلموا دروا تكفيهم لوضع أسس متينة تلتزم الدول العربية بحماية أمن كل منها، واحترام الجميع لسيادة كل دولة، وتحريم الخلافات إلى الأبد، وإن وجدات يجب أن تعالج في إطار الجامعة العربية بروح من الأهداف المشتركة، وعدم إعطاء الفرصة لأي خلاف كي يستغله أعداء أمتنا في تحقيق أهدافهم على حساب المصالح القومية، وأن دروس الماضي، وما أدت إليه الخلافات العربية من تدخلات أجنبية، باعدت بين أبناء الأمة العربية، وجعلتهم صيدا سهلا للأطماع الدولية.

ثانيًا: البدء فورا، و بدون تردد بدعوة وزراء الدفاع، ورؤساء الأركان في كل الدول العربية للاجتماع لوضع آلية لتنفيذ معاهدة الدفاع المشترك، وإنشاء قيادة مشتركة تقوم بالتنسيق بين الجيوش العربية لبناء حلف عسكري استراتيجي؛ يستطيع أن يحمي مصالح الأمة العربية من أي تهديد خارجي، وذلك حق مشروع؛ فهناك الحلف الأطلسي، وهناك تحالفات أخرى. فمن حق الدول العربية اتخاذ كافة الإجراءات وفق القوانين الدولية – والوسائل للدفاع عن النفس بما يحقق لها المحافظة على سيادة أقطارها، وحماية شعوبها.

ثالثًا: عقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب؛ لإعداد صياغة جديدة للعلاقات السياسية بين العالم العربي و الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد أساسا على احترام مصالح الأمة العربية بتنفيذ مقررات الشرعية الدولية، وهذه الصياغة الجديدة هي التي ستؤسس عليها العلاقات بين الطرفين، وإذا استطاع الصهاينة تضليل الشعب الأمريكي، فواجب الأمانة العامة للجامعة العربية توظيف كافة المؤسسات العربية في إحداث تغيير في خطابنا للشعب الأمريكي، وتصحيح الصورة التي رسمتها قوی الإرهاب الصهيونية الحقيقية في عقولهم.

رابعًا: إعداد صياغة جديدة للعلاقات السياسية والاقتصادية العربية، وتنمية العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والعالم العربي، وتفعيل ما يربطنا مع أوروبا من ارتباط تاریخی و مصالح مشتركة؛ حيث إن أوروبا الأقرب إلى العالم العربي، ويمكن إحياء الحوار العربي الأوربي على أساس بناء آليات اقتصادية ومشاريع مشتركة؛ ليتحول من تبادل الأحاديث والمجاملات إلى مناقشة مشاريع واتفاقيات اقتصادية في مجالات النفط والغاز و الزراعة، وخلق سوق مشتركة بين أوروبا والعالم العربي؛ لأن لديهم أسس التكامل الاقتصادي.

 خامسا: تتطلب المصلحة الوطنية والقومية العربية في الظروف الراهنة أن ترتفع القيادات فوق جراح الماضي، وأن تضع مصالح شعوبها فوق كل الاعتبارات، وأن تعمل على تحقيق مصالحة عربية – عربية بين كافة الأنظمة العربية، وأن تتنازل كل دولة تنازلا متباد” للأخرى لدفن الماضي البغيض ووأد الخلافات أيا كانت، كيلا تستغلها قوى البغي في النفاذ منها بمحاولة إيجاد مفاهیم و معتقدات جديدة للسيطرة على أفكارنا؛ ليسهل عليهم ترويضنا و السيطرة علينا، ومن ثم السيطرة على ثرواتنا، واستباحة أراضينا، واستعباد شعوب أمتنا العربية، وتوجيه مناهج التعليم لقطع الصلة بيننا وبين ديننا وتراثنا، و قيمنا، وتاريخنا ليتماشى مع تخطيطهم الشرير؛ لتتحقق لهم السيطرة على العالم العربي.

 سادسًا: لا يشك عاقل في العالم العربي أن من مصلحة الأمة العربية توطيد علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأن تزيد من أواصر التعاون بين الشعب الأمريكي الصديق والشعب العربي، لما لهما من قواسم مشتركة تتمثل فيما يأتي:

 إن كفاح الشعب الأمريكي لسنوات طويلة ضد الاحتلال البريطاني، و سقوط آلاف الشهداء من أجل تحرير وطنهم ، يتماثل مع كفاح الشعب العربي، ومقاومته احتلال وطنه و تحرير أرضه ؛ فلقد كانت الدماء و الضحايا – سواء في أمريكا أو العالم العربي – هم الذين رسموا درب الحرية والاستقلال.

الاستثمارات المالية الضخمة العائدة للعالم العربي والتي تجاوزت آلاف المليارات من الدولارات؛ حيث إن أكثر المؤسسات التي تدير تلك الاستثمارات مؤسسات أمريكية توجه أرصدة العالم العربي في خدمة الاقتصاد الأمريكي، و بذلك أفادت الأسواق الاقتصادية الأمريكية كثيرا من العائدات على الاستثمارات العربية.

غير أن الصهاينة استطاعوا بخداعهم الإدارة الأمريكية، أن يؤثروا على رئيس أكبر دولة في العالم، ليظهر في وسائل الإعلام، وهو يعطي المبررات للقتل والتدميره بل والإبادة ضد الشعب الفلسطيني، بينما كان من المفترض أن يحترم القيم الأمريكية التي صاغها أجداده في الدستور الأمريكي للحرية والعدالة ، و كان عليه أن يحترم دماء الشهداء الأمريكيين الذين ضحوا بأرواحهم التحرير أمريكا، كما يحدث للشعب الفلسطيني الذي يضحي بأرواح شهدائه التحرير أرضه، لا أن يقف مع الإجرام، والاعتداء على الشعب الفلسطيني الأعزل بإبادته بالطائرات، والدبابات، وغيرها من الأسلحة الفتاكة.

إن ما يقوم به الشعب الفلسطيني هو المقاومة من أجل تحرير أرضه المغتصبة، وإن ما يحدث من مهزلة تتبناها دولة عظمى تدعي حمايتها للحرية؛ يعد مؤشرا لبداية نهاية تلك الدولة؛ فلقد رأينا الكثير من الطغاة والإمبراطوريات التي استباحت حقوق الشعوب، کیف آل مصيرها إلى الزوال؛ إذ لا يستثنى منها أية دولة مهما عظم قدرها أو قدراتها.

فلسوف تنهار الولايات المتحدة الأمريكية كما انهارت دولي من قبلها حکمت ثلثي العالم، وحينها سيكون مصيرها إلى مزبلة التاريخ مع الطغاة والأشرار، أما أصحاب الحق، المؤمنون بالخالق الواحد الأحد، مالك الملك، فستعود إليهم حقوقهم، فالله مدير الأمر، ولن يهزم شعب آمن بالله، واعتز بقوته، وأدرك أنه -عز وجل- قادر على نصر الصابرين، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء، وإليه ترجعون

Leave A Reply

Your email address will not be published.